يرتبط بالإرادة التكوينيّة ، وقسم آخر بالإرادة التشريعيّة ، ويعتقد بأنّه يمتنع تعلّق الإرادة التكوينيّة بالأمر الاستقبالي ، ومنشأ كلامه عبارة عن تعريف المشهور للإرادة بأنّها الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحو المراد.
وتفصيل كلامه بتصرّف : أنّ النفس في وحدتها كلّ القوى ، فهي مع وحدتها ذات منازل ودرجات ، وكلّ منها باسم خاصّ ، منها : القوّة العاقلة التي تدرك في الفعل فائدة عائدة إلى جوهر ذاتها أو إلى قوّة من قواها. ومنها : ما يعبّر عنه بالقوّة الشوقيّة ، وهي مرتبة ينبعث للنفس عندها شوق إلى ذلك الفعل ، وهذه القوّة أيضا ذات مراتب ودرجات من حيث النقص والكمال ، فإذا لم يجد مزاحما ومانعا يخرج ذلك الشوق من حدّ النقصان إلى حدّ الكمال الذي عبّر عنه تارة بالإجماع ، واخرى بتصميم العزم ، وثالثة بالقصد والإرادة ، فينبعث من هذا الشوق البالغ حدّ نصاب الباعثيّة تحريك وهيجان في مرتبة القوّة العاملة المنبثّة في العضلات ، فتحصل منها حركة في مرتبة العضلات.
ومن الواضح أنّ الشوق وإن أمكن تعلّقه بأمر استقبالي إلّا أنّ الإرادة ليس نفس الشوق بأيّة مرتبة كان ، بل الشوق البالغ حدّ النصاب بحيث صارت القوّة الباعثة باعثة بالفعل ، وحينئذ فلا يتخلّف عن انبعاث القوّة العاملة المنبثّة في العضلات ، وهو هيجانها لتحريك العضلات الغير المنفكّ عن حركتها ، ولذا قالوا : إنّ الإرادة هي الجزء الأخير من العلّة التامّة لحركة العضلات.
فمن يقول بإمكان تعلّقها بأمر استقبالي إن أراد حصول الإرادة التي هي علّة تامّة لحركة العضلات ، إلّا أنّ معلولها حصول الحركة في ظرف كذا ، ويكون التأخّر دخيلا في ذات المعلول ، كالسفر المقيّد بكونه غدا ، فلا بدّ من تأخّر المعلول ، وإلّا فليس بمعلول.