العطش لا يعقل القول بأنّه لا يريد شرب الماء ، بل تتعلّق به مرحلة من شوقه ؛ لأنّه تتعلّق به إرادته بعد أخذ الماء وجعله محاذيا لفمه ، مع أنّه عبّر كثيرا ما بأنّ الإرادة المتعلّقة بالمقدّمة تترشّح وتتولّد من الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة ، فكيف يعقل القول بأنّ الإنسان المؤمن الذي يكون في مقام تحصيل الطهارة لا يريد إتيان الصلاة؟!
والتحقيق : أنّه تتحقّق في هذه الموارد الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة قبل تحقّق المقدّمات ، ومن أنكر ذلك فقد عاند الوجدان ، فقوله بعدم تعلّق الإرادة التكوينيّة بأمر استقبالي لا شكّ في بطلانه.
وأمّا مقالته في الإرادة التشريعيّة من أنّ لازم القول بالواجب المعلّق الانفكاك بين البعث والانبعاث ، مع أنّه لا يتصوّر الانفكاك بينهما كالكسر والانكسار ، ففيه : أوّلا : أنّه وقع الخلط في كلامه بين البعث والانبعاث التكويني والبعث والانبعاث الاعتباري ، وما لا يعقل الانفكاك بينهما ويشابه الكسر والانكسار هو الأوّل دون الثاني ، فإنّ ما تدلّ عليه هيئة «افعل» ويعبّر عنه بالأمر عبارة عن البعث الاعتباري الذي يوجد الداعي في المكلّف فقط.
ويشهد لذلك أنّ البعث والانبعاث في الواجبات المنجّزة إن كان مثل الكسر والانكسار معناه أن لا يقدر أحد من المكلّفين على العصيان ؛ إذ العصيان مساو مع عدم تحقّق الانبعاث ، فأين الانبعاث في الكفّار والعصاة؟! مع أنّه لا شكّ في كونهم مكلّفين بالأحكام ويعاقبون على تركها ، فلم لا يتحقّق الانبعاث؟! فلا تصحّ المقايسة بين البعث والانبعاث التكويني والبعث والانبعاث الاعتباري.
والتحقيق : أنّ في مورد تحقّق الانبعاث عقيب البعث ليس المؤثّر في