البيع لا يدلّ على هذا المعنى ولا يحكي عنه ؛ إذ لا فرق بينه وبين لفظ الإنسان في عدم الدلالة على الأفراد ، فإنّ معنى الإنسان عبارة عن الحيوان الناطق ، ومعنى زيد ـ مثلا ـ عبارة عن الحيوان الناطق المتخصّص بالخصوصيّات الفرديّة ، وهما متباينان ، فكيف يمكن أن يدلّ لفظ الإنسان على زيد المتخصّص بهذه الخصوصيّة مع أنّ وجود الطبيعي عين وجود أفراده خارجا؟! ولكنّ مرحلة الاتّحاد في الوجود غير مرحلة الدلالة والحكاية والمرآتيّة ، فكما أنّ لفظ الصلاة لا يحكي عن الغصب مع اتّحادهما من حيث الوجود في الدار المغصوبة ، وكذلك لفظ الإنسان لا يحكي عن زيد أبدا بلحاظ وضعهما للمعنيين المتغايرين ، وهكذا في لفظ «البيع» فإنّه لا يدلّ إلّا على أنّ تمام الموضوع للحكم بالحلّيّة والصحّة هو طبيعة البيع ، وفي كلّ مورد تحقّقت هذه الطبيعة يصدق عليه أنّه بيع ، سواء صدر عن زيد أو عن عمرو ، وسواء صدر بصيغة العربيّة أو غيرها ، لا أنّ لفظ البيع يدلّ على بيع صادر عن زيد ، وكما أنّ صدق الإنسان على زيد لا يدلّ على أنّ لفظ الإنسان يدلّ على التكثّر والتعدّد ، ولذا لا يصحّ جعل كلمة الشمول وصفا للإطلاق.
ومثال الإطلاق البدلي هو قولنا : «أكرم عالما» ، ولا فرق بين لفظ «العالم» ولفظ «البيع» من حيث الدلالة على الطبيعة والإطلاق ، إلّا أنّ تنوين التنكير هاهنا يدلّ على الوحدة والبدليّة ، ويكون كقولنا : «أكرم العالم العادل» من جهة تعدّد الدال والمدلول. وبالنتيجة ليس للإطلاق نوعان ومعنيان. هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل من استدلال الشيخ الأنصاري قدسسره لرجوع القيد إلى المادّة.
الوجه الثاني في كلامه قدسسره : أنّ تقييد الهيئة يوجب بطلان محلّ الإطلاق في المادّة ويرتفع به مورده ، بخلاف العكس ، وكلّما دار الأمر بين تقييدين كذلك