الثانية يوجب ارتكاب خلافي الظاهر.
قلنا : إنّ هذا المعنى مسلّم لا شكّ فيه ، ولكن بعد رجوع القيد إلى الهيئة وبطلان محلّ الإطلاق في المادّة لا يمكن تحقّق مقدّمات الحكمة ، فكأنّ المولى صرّح من الابتداء بتضييق دائرة المادّة ، فلا يكون من جهة المادّة ارتكاب خلاف الأصل أبدا ، فنفس رجوع القيد إلى الهيئة قرينة على تقييد المادّة ، فلا فرق بين رجوع القيد إلى المادّة ورجوعه إلى الهيئة في عدم استلزام خلاف الظاهر إذا كان القيد متّصلا فلا ترجيح في البين.
وأمّا إذا كان القيد منفصلا فلا شكّ في صحّة بيانه ؛ إذ المولى بعد أن قال : «أكرم زيدا» وبعد تماميّة مقدّمات الحكمة في الهيئة والمادّة ثمّ ذكر قيد المجيء ـ مثلا ـ وعرض الشكّ للمكلّف في أنّه يرجع إلى الهيئة أو المادّة فلا محالة تقييد الهيئة يوجب ارتكاب خلافي الظاهر بخلاف الثاني ، وأشار المحقّق الخراساني قدسسره إلى صحّة هذا البيان في ذيل كلامه.
وأمّا قوله : «فتأمّل» فقد اختلف المحشّون في أنّه إشارة إلى أيّ وجه من الوجوه المحتملة هاهنا ، واختار المرحوم المشكيني (١) وجها واستاذه المرحوم القوچاني قدسسرهما وجها آخر ، ولكن يحتمل قويّا أنّه إشارة إلى التهافت الواضح بين صدر كلامه وذيله ، فإنّه قال في ذيل كلامه (٢) : نعم ، إذا كان التقييد بمنفصل ودار الأمر بين الرجوع إلى المادّة أو الهيئة كان لهذا التوهّم ـ أي ثبوت الإطلاق في الهيئة والمادّة معا ـ مجال ؛ لاستقرار الظهور وإن كان بقرينة مقدّمات الحكمة.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٧٠.
(٢) المصدر السابق.