ويسكن الباء الاولى لأنهما حرفان مثلان (١). ومنهم ، من يحرّك فيقول (لذهب بّسمعهم) (٢) وجعل «السمع» في لفظ واحد ، وهو جماعة ، لأنّ «السمع» قد يكون جماعة و «قد يكون واحدا ، ومثله قوله تعالى (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) [الآية ٧] ومثله قوله تعالى (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) [ابراهيم : ٤٣] وقوله تعالى (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) [القمر : ٤٥] ومثله (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [النساء : ٤].
وقوله (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) [الآية ٢٢] فقطع الألف ، لأنه اسم تثبت الألف فيه في التصغير ، فإذا صغّرت قلت : «أنيدادا». وواحد «الأنداد» : ندّ. و «الندّ» : المثل.
وقوله تعالى (الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [الآية ٢٤] ف «الوقود» : الحطب. و «الوقود» الاتّقاد وهو الفعل. يقرأ (الْوَقُودِ) (٣) و (الوقود) (٤) ويكون أن يعني بها الحطب ، ويكون أن يعني بها الفعل. ومثل ذلك «الوضوء» وهو : الماء ، و «الوضوء» وهو الفعل ، وزعموا أنهما لغتان في معنى واحد (٥).
وقوله تعالى : (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [الآية ٢٥] فجرّ «جنات» وقد وقعت عليها «أنّ» ، لأنّ كلّ جماعة في آخرها تاء زائدة ، تذهب في الواحد ، وفي تصغيره ، فنصبها جرّ ، ألا ترى أنّك تقول : «جنّة» فتذهب التاء. وقال أيضا (خَلْقِ السَّماواتِ) [الأنعام : ١] (٦) و «السماوات» جرّ ،
__________________
(١). في السبعة ١١٦ أنّه مذهب أبي عمرو.
(٢). في السبعة ١١٣ أنّه مذهب نافع ، و ١١٥ مذهب ابن كثير ، و ١١٦ مذهب عاصم ، و ١٢٢ مذهب حمزة ، و ١٢٣ مذهب الكسائي وابن عامر.
(٣). قراءة الفتح في الجامع ١ : ٢٣٦ بلا نسبة ، وفي الإملاء ١ : ٢٥ إلى الجمهور ، وفي البحر ١ : ١٠٧ إلى الجمهور
(٤). قراءة الضّمّ في الشواذ ٤ إلى مجاهد وطلحة ، وفي الجامع ١ : ٢٣٦ أضاف الحسن ، وفي البحر ١ : ١٠٧ زاد الحسن باختلاف ، ثم أبا حياة ، وعيسى بن عمر الهمداني.
(٥). في إعراب القرآن ١ : ٣٠ نقل السراي ، وأشار إلى اللغتين أيضا ولم يعز هما ، وفي الصّحاح «ووضئ» نقل عبارة الأخفش بنصّها تقريبا ، وذكره ، ويقرب من ذلك ما في الجامع ١ : ٢٣٦ ، ولم نعثر على معاد كلّ من اللغتين ، وإن كان ما في اللهجات العربية ١٩١ ـ ١٩٦ يشير إلى أنّ الضّمّ سمة من سمات لهجة البدو وتميم ، وأن الفتح سمة لهجة الحضر وأهل الحجاز.
(٦). ورد هذا التعبير في القرآن الكريم مرات كثيرة ، أوّلها الانعام ٦ : ١ ؛ انظر المعجم المفهرس «الأرض».