فقال : «قبل جميل» وهو يريد «قبلي». كما قال بعض العرب «يا ربّ اغفر لي» فرفع وهو يريد «يا ربّي».
وأمّا قوله سبحانه (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠) [الأحزاب] و (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (٦٧) [الأحزاب] فتثبت فيه الألف لأنّهما رأس آية (١) ، لأنّ قوما من العرب ، يجعلون أواخر القوافي إذا سكتوا عليها ، على مثل حالها إذا وصلوها ، وهم أهل الحجاز. وجميع العرب إذا ترنّموا في القوافي ، أثبتوا في أواخرها الياء والواو والالف.
وأمّا قوله تعالى (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ) [مريم : ٤٥] فأنّث هذا الاسم بالهاء ، كقولك «رجل ربعة» و «غلام يفعة». أو يكون أدخلها ، لما نقص من الاسم عوضا (٢). وقد فتح قوم ، كأنّهم أرادوا «يا أبتا» ، فحذفوا الألف ، كما يحذفون الياء (٣) ، كما قال الشاعر [من الوافر وهو الشاهد الحادي والأربعون] :
ولست بمدرك ما فات منّي |
|
ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لو أنّي» |
يريد : «لهفاه». وممّا يدلك على أنّ هذا الاسم أنّث بالهاء ، قول الشاعر (٤) [من الطويل وهو الشاهد السابع والأربعون] :
تقول ابنتي لمّا رأتني شاحبا |
|
كأنّك فينا يا أبات غريب (٥) |
فردّ الألف ، وزاد عليها الهاء ، كما أنّث في قوله «يا أمتاه» (٦) ، فهذه ثلاثة
__________________
(١). إثبات الألف في الأولى والثانية وصلا ووقفا في الطبري ٢١ : ١٣٢ إلى عامّة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين ، وفي السبعة ٥١٩ و ٥٢٠ إلى عاصم في رواية أبي بكر ، وإلى نافع وابن عامر وإلى أبي عمرو في رواية أيضا ؛ وفي الكشف ٢ : ١٩٤ إلى نافع وابن عامر وأبي بكر وفي التيسير ١٧٨ إلى غير حمزة وأبي عمرو وابن كثير وحفص والكسائي. وفي الجامع ١٤ : ١٤٥ إلى نافع وابن عامر في رواية ، وأبي عمرو والكسائي أيضا ؛ وفي البحر ٧ : ٢١٧ إلى غير حمزة وأبي عمرو وابن كثير والكسائي وحفص.
(٢). في الكشف ٢ : ٣ نسبت في الآية السابقة ١٩ : ٤٤ قراءة (أبه) بالهاء إلى ابن كثير وابن عامر.
(٣). في الكشف ٢ : ٣ إلى ابن عامر وفي البحر ٦ : ١٩٣ زاد الأعرج وأبا جعفر.
(٤). هو أبو أبي الحدرجان كما في نوادر أبي زيد ٢٣٩ ، وليس أبا الحدرجان كما في معجم شواهد العربية ٣٨.
(٥). في نوادر أبي زيد ٢٣٩ بلفظ «أباه» بالهاء ، وفي الصحاح «أبا» ، والخصائص ١ : ٣٣٩ وشرح الأبيات للفارقي ٨٣ ، والمقاييس «شحب» ، والأساس «شحب» ، واللسان «إلى» ، ثم أعاد ذكره ب «رأت وشك رحلتي» بدل «رأتني شاحبا» ولم يعزه إلّا أبو زيد.
(٦). في اللسان «أمم : الام والأمة الوالدة. ويقال يا أمة لا تفعلي.