أنّ هذا البيت ينشد هكذا [من البسيط وهو الشاهد الثاني والستون] :
هل أنت باعث دينار لحاجتنا |
|
أو عبد ربّ أخا عمرو (١) بن مخراق (٢) |
فأضاف ، ولم يقع الفعل ، ونصب الثاني على المعنى ، لأنّ الأوّل فيه نيّة التنوين. وقال (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ) [العنكبوت : ٣٣] فالنّصب وجه الكلام ، لأنّك لا تجري الظاهر على المضمر ، والكاف في موضع جرّ ، لذهاب النون. وذلك لأنّ هذا ، إذا سقط على اسم مضمر ، ذهب منه التنوين والنون ، إن كان في الحال وإن لم يفعل ، تقول : «هو ضاربك الساعة أو غدا» و «هم ضاربوك». وإذا أدخلت الألف واللام ، قلت : «هو الضارب زيدا» ، ولا يكون أن تجرّ زيدا ، لأنّ التنوين كأنّه باق في «الضارب» ، إذا كان فيه الألف واللام ، لأنّ الألف واللام تعاقبان التنوين. وتقول : «هما الضاربان زيدا» و «هما الضاربا زيد» لأنّ الألف واللام لا تعاقبان التنوين في الاثنين والجمع.
فإذا أخرجت النون من الاثنين والجمع من أسماء الفاعلين ، أضفت ، وإن كان فيه الألف واللام ، لأنّ النون تعاقب الاضافة ؛ وطرح النون ، هاهنا ، كطرح النون في قولك : «هما ضاربا زيد» ولم يفعلا ، لأن الأصل في قولك : «الضاربان» إثبات النون ، لأنّ معناه وإعماله ؛ مثل معنى «الذي فعل» وإعماله قال الشاعر (٣) [من المنسرح وهو الشاهد الثالث والستون] :
الحافظو عورة العشيرة لا |
|
يأتيهم من ورائنا نطف (٤) |
وفي كتاب الله (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ)
__________________
(١). في الكتاب ١ : ٨٧ ب «عون» ، والخزانة ٣ : ٣٧٦ ، والمقاصد النحوية ٣ : ٥٦٣ كذلك.
(٢). البيت في الخزانة ، كما سبق ينسب إلى جابر بن رألان السنبسي ، وقيل جرير ، وقيل تأبّط شرّا ، وفي المقاصد النحوية ، كما سبق إلى جرير ، وليس في ديوان تأبّط شرّا ، ولا في ديوان جرير.
(٣). هو عمر بن امرئ القيس الخزرجي «ديوان قيس بن الخطيم ه ١١٥» ، وقيل بل قيس بن الخطيم أو شريح بن عمرو ، أو عمرو بن قيس ، أو مالك بن العجلان «الخزانة ٢ : ١٨٨» ، وشرح الأبيات للفارقي ٢١٢.
(٤). شرح الأبيات للفارقي كما سبق ب «ورائهم» ، وفي الخزانة الروايتان ، وانظر فيها ٢ : ٣٣٧ و ٤٨٣ و ٣ : ٤٠٠ و ٤٧٣ ، وفي الصّحاح «وكف» ب «ورائهم وكف» ، وفي التهذيب «وكّف» ب «العشير ولا. ورائهم وكف» ، وفي الخزانة ٢ : ٣٣٧ ب «وكف».