المنسرح وهو الشاهد التاسع والثمانون] :
ما أعطياني ولا سألتهما |
|
إلّا وإني لحاجزي كرمي |
فلو ألقيت من هذه اللام أيضا لكانت «أن». وقال تعالى (ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) (١٤) [الأنفال] كأنه قال : «ذاك الأمر» وهذا قوله تعالى (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) تقع في مكانه «هذا». وقال (ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ) (١٨) [الأنفال] كأنه على جواب من قال : «ما الأمر»؟ أو نحو ذلك فيقول للذين يسألون : «ذلكم.» كأنه قال : «ذلكم الأمر ، وأنّ الله موهن كيد الكافرين» فحسن أن يقول : «ذلكم» و «هذا». وتضمر الخبر أو تجعله خبرا مضمرا. قال تعالى (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) (١١٩) [طه] لأنّه يجوز أن تقول : «إنّ لك ذاك» و «هذا» وهذه الثلاثة الأحرف ، يجوز فيها كسر «إنّ» على الابتداء. (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ) [آل عمران : ٣٩] فيجوز أن تقول : «فنادته الملائكة بذاك» وإن شئت رفعته على الحكاية ، كأنه يقول : «فنادته الملائكة فقالت : إنّ الله يبشّرك» ، لأنّ كلّ شيء بعد القول حكاية ، تقول : «قلت : «عبد الله منطلق» قلت : «إنّ عبد الله زيدا منطلق» ، إلّا في لغة من أعمل القول من العرب كعمل الظنّ فذاك ينبغي له أن يفتح «أنّ». وقال تعالى (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) [الأنبياء : ٩٢ والمؤمنون : ٥٢] فيزعمون أن هذا ، ولأنّ «هذه أمّتكم واحدة وأنا ربّكم فاتّقون» يقول : «فاتّقون لأنّ هذه أمّتكم» وهذا يحسن فيه كذاك ، فإن قلت : «كي تلحق اللام ولم تكن في الكلام». فإنّ طرح اللام وأشباهها من حروف الجرّ ، من «أنّ» حسن ، ألا تراه يقول : «أشهد أنّك صادق» ، وإنّما هو : «أشهد على ذلك». وقال تعالى (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١٨) [الجن] يقول : «فلا تدعوا مع الله أحدا لأنّ المساجد لله» ، وفي هذا الإعراب ضعف ، لأنّه عمل فيه ما بعده ، أضافه اليه بحرف الجر.
ولو قلت «أنّك صالح بلغني» لم يجز ، وإن جاز في ذلك. لأنّ حرف الجر لمّا تقدّم ضميره قوي. وقد قرئ