مكسورا (١). وقال بعضهم : «إنّما هذا على (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ١] و «أوحي إليّ أنّ المساجد لله» و «أوحي إليّ أنه لمّا قام عبد الله». وقد قرئ (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) (٢) ففتح كلّ «أن» يجوز فيه على الوحي.
وقرأ بعضهم (وإنّه تعالى جدّ ربّنا) (٣) فكسروها من قول الجن (٤). فلما صار بعد القول صار حكاية ، وكذاك ما بعده ، مما هو من كلام الجن.
وأمّا «إنّما» ، فإذا حسن مكانها «أنّ» فتحتها ، وإذا لم تحسن كسرتها. قال تعالى ، حكاية عن الرسول محمد (ص) ، (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [فصّلت : ٦] فالآخرة يحسن مكانها «أنّ» فتقول : «يوحي إليّ أنّ إلهكم إله واحد» قال الشاعر (٥) [من الطويل وهو الشاهد التسعون] :
أراني ـ ولا كفران لله ـ إنّما |
|
أواخي من الأقوام كلّ بخيل (٦) |
لأنّه لا يحسن هاهنا «أنّ» فلو قلت : «أراني أنّما أواخي من الأقوام» لم يحسن. وقال (٧) [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والتسعون] :
__________________
(١). قراءة فتح الهمزة في الطّبري ٢٩ : ١٠٦ إلى أبي جعفر القارئ ونافع وقرّاء الكوفة وعاصم ، وفي الكشف ٢ : ٣٣٩ إلى كل القرّاء ، وفي الجامع ١٩ : ٧ إلى علقمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وابن عامر وخلف وحفص والسلمي وفي البحر ٨ : ٣٥٢ إلى الجمهور. وقراءة كسر الهمزة في الطّبري «كالسابق» إلى أبي عمرو ، وفي الجامع ١٩ : ٧ إلى غير من أخذ بالأولى ، وفي البحر ٨ : ٣٥٢ إلى ابن هرمز وصلحة.
(٢). الجن ٧٢ : ٣ في الطّبري ٢٩ : ١٠٥ إلى أبي جعفر القارئ وقرّاء الكوفة وفي التيسير ٢١٥ إلى ابن عامر وحفص والكسائي ، وفي الجامع ١٩ : ٧ و ٨ إلى علقمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وابن عامر وخلف وحفص والسلمي وأبي جعفر وشيبة ، وفي البحر ٢ : ٣٤٧ إلى الحرميين والأبوين.
(٣). في الطّبري ٢٩ : ١٠٦ إلى نافع وعاصم وأبي عمرو ، وفي التيسير ٢١٥ إلى غير ابن عامر أو حفص أو حمزة أو الكسائي ، وفي الجامع ١٩ : ٧ إلى غير من أخذ بقراءة الفتح وقال «واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم».
(٤). أشار في معاني القرآن ٣ : ١٩١ إلى أنه «كان عاصم يكسر ما كان قول الجن ، ويفتح ما كان من الوحي».
(٥). هو كثيّر عزّة. ديوانه ٥٠٨ والكتاب ، وتحصيل عين الذهب ١ : ٤٦٦.
(٦). في همع الهوامع ١ : ١٤٧ صدره بلفظ «آية» بدل «إنّما» وفي الدرر ١ : ١٢٧ جعل صدره : ألا ربّما طالبت غير منيل.
وفي الهمع ١ : ٢٤٧ البيت كله ب «أنّني» بدل «إنّما» و «أوافي» بدل «أواخي» وفي الدرر ١ : ٢٠٥ ب «أنني» و «أواتي» بالتاء من المواتاة.
(٧). هو عمرو بن الإطنابة الخزرجي الشاعر الجاهلي. الكتاب وتحصيل عين الذهب ١ : ٤٦٥ ، والاشتقاق ٤٥٣ ، وانظر المرتجل ٢٣٠ ، وشرح ابن يعيش ٨ : ٥٦.