القرآن والكلام كثير ، وهما زائدتان في هذا الوجه (١). وهي مثل الفاء ، التي في قولك : «أفا لله لتصنعنّ كذا وكذا» وقولك للرجل : «أفلا تقوم». وإن شئت ، جعلت الفاء والواو ، هاهنا ، حرف عطف.
وقوله تعالى (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ) [الآية ١٠٢] ف (هارُوتَ) و (مارُوتَ) معطوفان على (الْمَلَكَيْنِ) ، وبدل منهما ، ولكنهما أعجميان فلا ينصرفان وموضعهما جر. و «بابل» لم ينصرف لتأنيثه (٢) ، وذلك أن اسم كل مؤنث ، على حرفين أو ثلاثة ، أوسطها ساكن ، فهو ينصرف ، وما كان سوى ذلك من المؤنّث فهو لا ينصرف ما دام اسما للمؤنّث.
وقال تعالى (حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما) [الآية ١٠٢] فليس قوله (فَيَتَعَلَّمُونَ) جوابا لقوله (فَلا تَكْفُرْ) [الآية ١٠٢] ، إنما هو مبتدأ ثم عطف عليه فقال (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) [الآية ١٠٢]. وقال (يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) [الآية ١٠٢] لأنّ كلّ واحد منهما زوج ، فالمرأة زوج والرجل زوج. قال تعالى : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) [النساء : ١] وقال (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [هود : ٤٠ والمؤمنون : ٢٧]. وقد يقال أيضا «هما زوج» للاثنين ، كما يقول : «هما سواء» و : «هما سيّان» (٣). [والزوج أيضا : النمط يطرح على الهودج] (٤). قال الشاعر (٥) [من الكامل وهو الشاهد السادس والعشرون بعد المائة] :
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه |
|
زوج عليه كلّة وقرامها |
__________________
(١). نقل رأيه في زيادة الواو في اعراب القرآن ١ : ٦٨ ، والمشكل ١ : ١٠٥ ، والجامع ٢ : ٣٩ ، والبحر ١ : ٣٢٣ ، والبيان ١ : ١٣.
(٢). نقله في الصحاح «بيل» ، وعبارته قال الأخفش : «لا ينصرف لتأنيثه وذلك أنّ اسم كلّ شيء مؤنث إذا كان أكثر من ثلاثة أحرف فإنه لا ينصرف في المعرفة».
(٣). في الصحاح «زوج» ويقال : «هما زوجان» و «هما زوج» كما يقال «هما سيان» و «هما سواء».
(٤). زيادة يقتضيها السياق ، مستفادة من الجمهرة ٢ : ٩٢ ، والصحاح «زوج» ، واللسان «زوج».
(٥). هو لبيد بن ربيعة العامري. والبيت من معلّقته في ديوانه ٣٠٠ ، وشرح المعلّقات السبع ١١٢ ، وشرح القصائد العشر ١٣٨.