١٠٦] وقرأ بعضهم (ننسأها) (١) أي نؤخّرها ، وهو مثل (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) [التوبة : ٣٧] لأنّه تأخير. «النسيئة» و «النسيء» أصله واحد من «أنسأت» ، إلّا أنّك تقول : «أنسأت الشيء أي : أخّرته ومصدره : النسيء. و : «أنسأتك الدّين» أي : جعلتك تؤخّره. كأنه قال : «أنسأتك» ، ف «نسأت» (٢) و «النسيء» ، أنّهم كانوا يدخلون الشهر في الشهر. وقرأ بعضهم (أو ننسها) (٣) كل ذلك صواب. وجزمه بالمجازاة. والنسيء في الشهر : التأخير.
وقال تعالى (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) [الآية ١٠٨] ومن خفّف قال : (سيل) (٤) ، فإن قيل : كيف جعلتها بين بين ، وهي تكون بين الياء الساكنة وبين الهمزة ؛ والياء الساكنة لا تكون بعد ضمّة ، والسين مضمومة؟ قلت أمّا في «فعل» فقد تكون الياء الساكنة بعد الضمة لأنهم قد قالوا «قيل» و «بيع» وقد تكون الياء في بعض «فعل» واوا خالصة لانضمام ما قبلها وهي معه في حرف واحد كما تقول : «لم توطؤ الدابّة» وكما تقول : «قد رؤس فلان» (٥).
__________________
(١). في الطّبري ٢ : ٤٧٧ قراءة جماعة من الصحابة والتابعين ، وجماعة من قرّاء الكوفيين والبصريين ، وخصّ عبيد بن عمير ، وأنّه هو وابن أبي نجيح ومجاهد وعطية تأوّلوا بها. وفي السبعة ١٦٨ إلى ابن كثير وأبي عمرو ، وفي الكشف ١ : ٢٥٨ و ٢٥٩ زاد عمر وابن عبّاس وعطاء ومجاهدا وأبيّ بن كعب وعبيد بن عمير والنخعي وعطاء بن أبي رباح وابن محيصن ، وفي الجامع ٢ : ٦٧ كذلك ، وفي البحر ١ : ٣٤٣ أسقط أبيّ بن كعب وابن محيصن ، وأضاف ابن كثير وأبا عمرو من السبعة ، وفي التيسير ٧٦ إلى ابن كثير وأبي عمرو.
(٢). في الصحاح «نسأ» قال الأخفش : أنسأته الدّين : إذا جعلته له مؤخرا ونسأت عنه دينه ، إذا أخّرته نساء ، قال : وذلك النّساء في العمر ممدود. ومنه قولهم «من سرّه النّساء ولا نساء ، فليخفّف الرّداء وليباكر الغداء وليقلّ غشيان النّساء».
(٣). في البحر ١ : ٣٤٣ أنّها قراءة طائفة «ولم يعيّن أسماء هم» ، وأنّ أبا عبيد البكري وهم في نسبتها إلى سعد بن أبي وقاص ، ووهم ابن عطية أيضا في ذلك.
(٤). في السبعة ١٦٩ : أنّ قراءة ابن عامر مهموزة من غير إشباع ، وفي الشواذ ٩ أن اختلاس الضمة من غير همزة إلى ابن عامر وفي الجامع ٢ : ٧٠ أنّ كسر السين من غير همز للحسن ؛ وفي البحر ١ : ٣٤٦ ، أنّ الجمهور قرأ (سيل) «ولم يشكل» ، وقرأ الحسن وأبو السمال بكسر السين وياء ، وقرأ أبو جعفر وشيبة والزهري بإشمام السين وياء ، وقرأ بعض القرّاء بتسهيل الهمزة بين بين وضم السين. وفي الإملاء كان قراءة (سيل) «بلا شكل» على لغة من قال : أسلت بغير همزة ، مثل خفت تخاف ، والياء منقلبة عن واو ، لقولهم سوال وساولته ، ويقرأ (سيل) بجعل الهمزة بين بين ، أي بين الهمزة وبين الياء.
(٥). هي لغة قيس وعقيل ومن جاورهم ، وعامّة بني أسد. اللهجات ٤٥٢.