(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) (١) ليخبر النّاس عن جهلهم ، وكما قال تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الآية ١٠٧] (٢).
وقال : إنّ (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) [الآية ١٧٣] إنّما هي «الميّته» خففت وكذلك قوله تعالى (بَلْدَةً مَيْتاً) [ق : ١١] يريد به «ميّتا» ولكن يخففون الباء كما يقولون في «هيّن» و «ليّن» : «هين» و «لين» خفيفة. قال الشاعر (٣) [من الخفيف وهو الشاهد الثالث والثلاثون بعد المائة] :
ليس من مات فاستراح بميت |
|
إنّما الميت ميّت الأحياء |
فثقّل وخفّف في معنى واحد. فاما «الميتة» فهي الموت.
وقال تعالى (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [الآية ١٧٥] ، فزعم بعضهم أنه تعجّب منهم كما قال جلّ شأنه (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧) [عبس] تعجّبا من كفره. وقال بعضهم (فَما أَصْبَرَهُمْ) أي : ما أصبرهم ، و : ما الذي أصبرهم (٤).
وقال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) [الآية ١٧٦] فالخبر مضمر كأنه يقول : «ذلك معلوم لهم ، بأنّ الله نزّل الكتاب» لأنه قد أخبرنا في الكتاب أن ذلك قد قيل لهم ، فالكتاب حق.
وقال تعالى (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ) [الآية ١٧٧] ، ثم قال (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) [الآية ١٧٧] و (وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) [الآية ١٧٧] ؛ فهو على أوّل الكلام «ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله وأقام الصلاة وآتى الزّكاة» ثم قال تعالى (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا
__________________
(١). ورد في خمسة مواضع من القرآن الكريم ، أوّلها يونس ١٠ : ٣٨ ، وآخرها الأحقاف ٤٦ : ٨ ، المعجم المفهرس ٥١٧ و ٥١٨.
(٢). والمائدة ٥ : ٤٠. وقد نقلت آراء الأخفش في إعراب القرآن ١ : ٨٦ و ٨٧ ، والجامع ٢ : ٢٠٥ ، والبحر ١ : ٤٧٢.
(٣). هو عديّ بن الرعلاء. الأصمعيات ١٥٢ ، ومجاز القرآن ١ : ١٤٩ و ٢ : ١٦١ ، والحماسة الشّجرية ١ : ١٩٥.
والبيان ١ : ١٩٨ والبارع «موت» ، والحيوان ٦ : ٥٠٧ ، والخزانة ٤ : ١٨٧ ، والصناعتين ٣١٥ ، واللسان وتاج العروس «موت» والاشتقاق ٥١ ؛ وهو في التهذيب ٤ : ٣٤٣ والقسطاس المستقيم ٢٠٥ ، والجامع ٢ : ٢١٦ ، والبيان والتبيين ١ : ١١٩ ، وأضداد اللغوي ١ : ٣١٨.
(٤). في معاني القرآن ١ : ١٠٣ ومجاز القرآن ١ : ٦٤ بلفظ «صبرهم» ، وقصره في البيان ١ : ١٣٨ على الأخفش وحده.