وَالصَّابِرِينَ) [الآية ١٧٧] ، ف (وَالْمُوفُونَ) رفع على «لكنّ الموفين» يريد «برّ الموفين» ، فلمّا لم يذكر «البرّ» ، أقام السّياق (وَالْمُوفُونَ) مقام البرّ ، كما في (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] بنصبها على (وَسْئَلِ) والمراد «أهل القرية» ، ثمّ نصب (الصَّابِرِينَ) على فعل مضمر كما (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ) [النساء : ١٦٢] ثم ورد (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) بالنصب على فعل مضمر ، ثمّ (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، بالرّفع على الابتداء ، أو بعطفه على «الرّاسخين». قال الشاعر (١) [من الكامل وهو الشاهد السابع والستون بعد المائة] :
لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سمّ العداة وآفة الجزر |
النّازلين بكلّ معترك |
|
والطّيّبون معاقد الأزر |
ومنهم من يقول «النازلون» و «الطيبين» (٢). ومنهم من يرفعهما جميعا (٣) ، وينصبهما جميعا (٤) ، كما فسّرت لك. ويكون (الصَّابِرِينَ) معطوفا على (ذَوِي الْقُرْبى) [الآية ١٧٧] أي «وآتى الصّابرين».
وأمّا «البأساء» و «الضّراء» في قوله تعالى : (فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ) [الآية ١٧٧] فبناهما على «فعلاء» التي لها «أفعل» لأنهما اسمان ؛ كما قد جاء «أفعل» في الأسماء ليس معه فعلاء» نحو «أحمد» (٥). وقد قالوا «أفعل» في الصّفة ولم يجيء له «فعلاء» ، قالوا : «أنت من ذاك أوجل» و «أوجر» ولم يقولوا : «وجلاء» ولا «وجراء» وهما من الخوف. ومنه «رجل أوجل» و «أوجر».
وقال تعالى (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) [الآية ١٨٧] أي : «فعليه
__________________
(١). هي خرنق بنت هفان أخت طرفة بن العبد لأمّه ، وقد سبق الكلام على الشاهد. وقد جاء بالياء في «النّازلين» والواو في «الطيّبون» في الكتاب ١ : ٢٤٦ و ٢٤٩ ، ومجاز القرآن ١ : ١٤٣ ، والخزانة ٢ : ٣٠١ ، والمقاصد النحوية ٣ : ٦٠٢ ، والتنبيه للبكري ٧٥ ، والهمع ٢ : ١١٩ ، والدرر ٢ : ١٥٠ ، والجامع ٢ : ٢٣٩ ، والبيان ١ : ٢٧٦.
(٢). جاء على هذا في الديوان ٢٩ ، والكتاب ١ : ٢٤٩ ، والخزانة ٢ : ٣٠٢ ، رواية ليونس والأنصاف ٢ : ٢٤٩ و ٢٩٩.
(٣). جاء على هذا في الكتاب ١ : ١٠٤ ، والأمالي ٢ : ١٥٨.
(٤). جاء على هذا في مجاز القرآن ١ : ٦٦ ، ومعاني القرآن ١ : ١٠٥ و ٤٥٣ ، والكامل ٢ : ٧٥١.
(٥). نقلت هذه العبارة في الصحاح «بأس» ب «بني» بدل «فبناه» و «يجيء» بدل «جاء» وفي اللسان «بأس» كذلك.