إعراب ثم كان يتغير عن حاله ، فإنه لا تلحق فيه الهاء ، إذا سكت عليه. وأمّا قوله تعالى (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) [المائدة : ٢٩] فإذا وقفت قلت «تبوء» ، لأنّها «أن تفعل» ، فإذا وقفت على «تفعل» ، لم تحرّك. قال تعالى (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا) [يونس : ٨٧] ، إذا وقفت عليه قلت : «أن تبوّأ» لأنه «أن تفعّلا» ، وأنت تعني فعل الاثنين ، فهكذا الوقف عليه. قال تعالى (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) [يونس : ٩٣] فإذا وقفت قلت : «مبوّأ» لا تقول «مبوّءا» ، لأنه مضاف ، فإذا وقفت عليه لم يكن ألفا. ولو أثبت فيه الألف ، لقلت في وقف (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) : «محلّين» ، ولكنه مثل «رأيت غلامي زيد» فإذا وقفت قلت : «غلامي». وقال تعالى (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) [الشعراء : ٦١] ، فإذا وقفت قلت : «تراءى» ، ولم تقل : «تراءيا» ، لأنّك قد رفعت الجمعين بذا الفعل ، ولو قلت : «تراءيا» ، كنت قد جئت باسم مرفوع بذا الفعل ، وهو الالف ، ويكون قولك «الجمعان» ليس بكلام إلّا على وجه آخر.
وقال تعالى (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) [الآية ١٩٨] ، فصرف «عرفات» لا لأنّها تلك الجماعة التي كانت تنصرف ، وإنّما صرفت لأنّ الكسرة والضمة في التاء ، صارت بمنزلة الياء والواو في «مسلمين» و «مسلمون» لأنه تذكيره ، وصارت التنوين في نحو «عرفات» و «مسلمات» ، بمنزلة النون فلما سمّي به ترك على حاله ، كما يترك «مسلمون» (١) ، إذا سمّي به على حاله حكاية. ومن العرب من لا يصرف ذا ، إذا سمّي به ، ويشبّه التاء بهاء التأنيث في نحو «حمدة» ، وذلك قبيح ضعيف (٢). قال الشاعر (٣) [من الطويل وهو الشاهد السابع والثلاثون بعد المائة] :
تنوّرتها من أذرعات وأهلها |
|
بيثرب أدنى دارها نظر عال |
__________________
(١). نقلت عبارته مع تغيير طفيف في الصحاح «عرف» ، والرأي في الكتاب ٢ : ١٨.
(٢). نقله عنه وعن الكوفيين في المشكل ١ : ١٢٤ ، وزاد في اعراب القرآن ١ : ١٠١ ، والجامع ٢ : ٤١٤ ، والبحر ٢ : ٨٣ و ٨٤ رواية الشاهد الشعري.
(٣). هو امرؤ القيس بن حجر الكندي. ديوانه ٣١ ، والكتاب ٢ : ١٨.