والجواب عن دليله الأوّل :
______________________________________________________
فان العقلاء ـ مثلا ـ يحكمون بعدم استحالة ان يوجد حيوان له اربعة رءوس ، وان يكون جبل من ذهب ، وان يطول عمر انسان إلى ملايين السنوات ، وذلك لانهم لا يجدون في عقولهم ما يوجب الاستحالة ، فالحكم بالامكان ، لا يحتاج إلى القطع بعدم الاستحالة ، بل إلى عدم وجدان ما يوجب الاستحالة ، والّا فلو كان الامر بحاجة إلى القطع لما امكن للعقلاء ان يحكموا بالامثلة الثلاثة المذكورة وغيرها ، مع ان العقل لا يحيط باسباب الامكان والاستحالة الوقوعية ، وان احاط باسباب الامكان والاستحالة الذاتية؟.
وقول ابن سينا : «ما قرع سمعك من غرائب الزمان ، فذره في بقعة الامكان ، ما لم يذدك عنه واضح البرهان» اشارة إلى ما ذكرناه من انه اذا لم يكن عندك دليل واضح على الاستحالة ، فقل : انه ممكن.
واذا تحققت الكبرى الكلية ، نقول فيما نحن فيه من الصغرى : أن لا نجد على امتناع التعبد بالظن دليلا ، فهو اذا ممكن.
لا يقال : ما ذا تصنعون بدليلي ابن قبة ، الّذين أقامهما على الاستحالة؟.
لانه يقال : (والجواب عن دليله الاول) ـ القائل : بأنه لو جاز التعبد بالاخبار عن المعصوم ، لجاز التعبد بالاخبار عن الله ، والثاني باطل ، فالاول مثله ـ :
إن القياس غير تام ، حيث ان الاخبار عن الله ، يحتاج إلى شهادة الله تعالى للمخبر ، باجراء المعجزة على يديه والّا فكلّ شخص يتمكن ان يدعي : انه نبي من قبله سبحانه ويخبر عنه ، ولذا قال تعالى لرسوله : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(١).
__________________
(١) ـ سورة الرعد : الآية ٤٣.