وحيث انجرّ الكلام إلى التعبّد بالأمارات الغير العلميّة ، فنقول في توضيح هذا المرام ، وإن كان خارجا عن محلّ الكلام : إنّ ذلك يتصوّر على وجهين :
الأوّل : أن يكون ذلك من باب مجرّد الكشف عن الواقع ،
______________________________________________________
(وحيث انجرّ الكلام إلى) امكان (التعبد بالامارات غير العلمية) وانّما انجر الكلام لان اصل البحث كان في الكبرى وهو : امكان التعبد بالظن ، وفي انه واقع ام لا؟ لا في الصغرى كأن يكون الكلام في انه : هل يمكن وجود الانسان؟ وهل ان الانسان موجود؟ ثم يتكلم حول وجود زيد ، وواضح : ان امكان الكبرى ووجودها في الجملة ، لا يلازم وجود بعض الصغريات (فنقول في توضيح هذا المرام) اي التعبد بالامارة(وان كان خارجا عن محل الكلام) لان كلام الاصولي في الكليات لا في الجزئيات ، فاذا تكلم المنطقي حول وجود زيد او عدمه ، كان خارجا عن مبحث المنطق ، لان بحث المنطقي يجب ان يكون عن كلّي الانسان.
(ان ذلك) التعبد بالامارة(يتصور على وجهين) الطريقيّة ، والسببيّة.
ف(الاول : ان يكون ذلك) التعبد بالامارة طريقيا ، كما اذا قال عليهالسلام : «يونس ، ثقة ، خذ منه معالم دينك» (١).
بأن كان (من باب مجرد الكشف عن الواقع) فالامام عليهالسلام اراد من ذلك : ان قول يونس ، كاشف عن الواقع فاذا اخطأ يونس لم يصل إلى العبد شيء ، كما اذا قال المولى لعبده اذا ضللت طريق مكة ، فاسأل الناس الاعراب ، فانه لا مصلحة في سؤال الاعراب الّا الوصول إلى مكة المكرمة ، فاذا أخطئوا ، لم
__________________
(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٤٧ ب ١١ ح ٣٣٤٤٨ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٥١ ب ٢٩ ح ٦٧.