إذ قد تبيّن فيها حكمة طلب التوقف ، ولا يترتّب على مخالفته عقاب ، غير ما يترتّب على ارتكاب الشبهة أحيانا من الهلاك المحتمل فيها ،
______________________________________________________
مصلحتان ، كما ليس في تركه مفسدة حتى اذا صادف الواقع تكون مفسدتان ، وانّما المصلحة فيما يحرز بالاحتياط ، والمفسدة فيما تأتي بسبب ترك الاحتياط.
مثلا : اذا احتاط بغسل يديه في صورة تنجّس احداهما ، فانّه لا مصلحة في الاحتياط ، وانّما في غسل اليد النجسة واقعا ، واذا لم يحتط بترك وطي الزوجتين اللتين إحداهما حائض ، فالمفسدة في وطي الحائض لا في ترك الاحتياط بما هو احتياط ، واذا تبين ذلك قلنا : ان الأمر بالاحتياط في هذه الروايات للارشاد لا للمولوية.
وانّما نقول : ان الأمر فيها للارشاد مع ان الأصل في الأوامر هو : المولوية (اذ قد تبيّن فيها حكمة طلب التوقف ، و) هي النجاة من الهلكة المحتملة ، لأنّ من يترك الاحتياط يحتمل الوقوع في الهلكة ، لا انّه يقطع بها ، وقد عرفت : ان الأمر الارشادي (لا يترتّب على مخالفته عقاب ، غير ما يترتب على ارتكاب الشبهة أحيانا) أي : على تقدير مصادفة الشبهة للواقع (من الهلاك المحتمل فيها) قوله :
«من» بيان لقوله : «ما يترتب» ، والضمير : «ها» ، في قوله : «فيها» عائد إلى «الشبهة».
وعليه : فاذا قال المولى : احتط بترك شرب الإناءين الذين أحدهما خمر ، فخالف العبد وشرب أحدهما ، فان كان ما شربه خمرا في الواقع ، عوقب لشرب الخمر لا لترك الاحتياط ، وان لم يصادف ما شربه الخمر ، بأن شرب الماء لم يعاقب بشيء ، وانّما كان عمله تجرّيا ، والتجرّي ـ كما مرّ في الجزء الأول من الكتاب ـ كاشف عن القبح الفاعلي وليس محرّما ، اذ ليس فيه قبح فعليّ.