فلا بد من اجتناب كلّ ما يحتمل أن يكون منها إذا لم يكن هناك دليل شرعيّ على حلّيّته ، إذ مع هذا الدليل نقطع بعدم العقاب على تقدير حرمته واقعا.
فان قلت : بعد مراجعة الأدلّة يعلم تفصيلا بحرمة امور كثيرة ولا يعلم إجمالا بوجود ما عداها فالاشتغال بما عدا المعلوم بالتفصيل غير متيقّن ، حتّى يجب الاحتياط. وبعبارة أخرى : العلم الاجماليّ قبل الرجوع إلى الأدلّة ، وأمّا بعده فليس هنا علم إجماليّ.
______________________________________________________
وحينئذ : (فلا بدّ من) الاحتياط ب (اجتناب كل ما يحتمل أن يكون منها) أي :
من تلك المحرمات (اذا لم يكن هناك دليل شرعيّ على حليته) أمّا اذا قام دليل شرعيّ على حليته فلا يلزم الاجتناب عنه (اذ مع هذا الدليل) الشرعيّ القائم على حليته (نقطع بعدم العقاب على تقدير حرمته واقعا) فيثبت بهذا مراد الأخباريين القائلين : بلزوم اجتناب محتمل التحريم في الشبهة الحكمية.
(فان قلت) : اذا علمنا بوجود محرمات واطلعنا على مائة محرم ـ مثلا ـ فمن أين لنا انّ المحرمات التي نحن مكلفون بها أكثر من تلك المائة؟ فلا اشتغال يقيني بالأكثر حتى يلزم البراءة اليقينية عن ذلك الأكثر ، فانه (بعد مراجعة الأدلة يعلم تفصيلا بحرمة امور كثيرة) مثلا : مائة محرّم (ولا يعلم اجمالا بوجود ما عداها) أي : ما عدا هذه المائة (فالاشتغال بما عدا المعلوم بالتفصيل غير متيقن حتى يجب الاحتياط) في الزائد على تلك المائة ـ مثلا ـ.
(وبعبارة اخرى : العلم الاجمالي) إنّما هو (قبل الرجوع الى الأدلة) التي حصلنا بسبب تلك الأدلة على مائة محرم (وأما بعده) أي : بعد الرجوع الى الأدلة (فليس هنا علم اجماليّ) بالأكثر من ذلك الذي علمناه من المائة في المثال ، لانحلال العلم الاجمالي الى علم تفصيلي بالنسبة الى المائة ، وشك بدوي بالنسبة