قلت : إن اريد من الأدلّة ما يوجب العلم بالحكم الواقعيّ الأوّلي ، فكلّ مراجع في «الفقه» يعلم أنّ ذلك غير ميسر ، لأنّ سند الأخبار لو فرض قطعيّا لكن دلالتها ظنيّة ،
______________________________________________________
الى الزائد ، فنجري في الزائد البراءة ، فلا يستقيم حينئذ دليلكم : من انّ الاشتغال اليقيني يحتاج الى البراءة اليقينية.
(قلت) : اذا كنا نحصل على قدر المعلوم بالاجمال من الأدلة تم كلامكم ، لكنا لا نحصل على قدر المعلوم بالاجمال ، اذ الذي نحصل عليه انّما هو بسبب ظواهر الأدلة الظنيّة ، والأدلة الظنّية لا توجب انحلال العلم ، فهو مثل ان نعلم انّا مكلفون باعطاء دينار لانسان اسمه عليّ ، ثم حصل الظنّ بأن ذلك الانسان هو علي بن الحسين ، فهل نعلم ان عليّ بن الحسين هو الدائن؟ كلا ، وانّما نظنّ انّه هو الدائن.
وعليه : فالعلم الاجماليّ باق على حاله ، ولم ينحل باعطاء الدينار لعليّ بن الحسين ، ويجب علينا ان نعمل بهذا الظن لقيام الدليل على وجوب العمل به ، لكن بالاضافة الى هذا المظنون يلزم علينا ان نجتنب كل محتمل الحرمة ، فهو مثل لزوم اعطاء كل عليّ دينارا حتى نتيقن ببراءة الذمة. وكيف كان : فانه (ان اريد من الأدلة) التي بسببها ينحل العلم الاجمالي (: ما يوجب العلم بالحكم الواقعي الأولي) وبذلك ينحل العلم الاجمالي؟.
(ف) فيه : ان (كلّ مراجع في «الفقه» يعلم : ان ذلك غير ميسر) لوضوح : ان الأدلة الظنية لا توجب العلم بالمحرمات ، بل الأدلة انّما توجب الظن بها على الأغلب ، فانّه وان كان الظن حجّة لكنّه ليس علما (لأن سند الأخبار لو فرض قطعيا ، لكن دلالتها ظنّية) ومن المعلوم : انّه انّما يحصل العلم بسبب الأخبار