إلى أن علم من نفسه عدم تكليفه بأزيد من هذا المقدار من التتبّع ، ولم يجد فيها ما يدلّ على حكم مخالف للأصل ، صحّ له دعوى القطع بانتفاء الحكم الفعليّ ، ولا فرق في ذلك بين العامّ البلوى وغيره ، ولا بين العامّة والخاصّة ، ولا بين المخطّئة والمصوّبة ، ولا بين المجتهدين والاخباريّين ، ولا بين أحكام الشرع وغيرها من أحكام سائر الشرائع وسائر الموالي بالنسبة إلى عبيدهم.
______________________________________________________
(الى ان علم من نفسه : عدم تكليفه بأزيد من هذا المقدار من التتبع) لأنه علم بأنه لا يصل الى شيء ، أو علم بأن الزائد مشقة لا يريد الشارع منه.
(ولم يجد فيها ما يدل على حكم مخالف للأصل) الذي هو الاباحة ، كما اذا لم يجد في الأدلة حرمة شرب التتن ، أو لم يجد في الأدلة وجوب الدعاء عند رؤية الهلال (صح له) أي : لهذا المتتبع المستنبط (دعوى) البراءة وعدم التكليف ، والبراءة تفيد (القطع بانتفاء الحكم الفعلي) على هذا المستنبط المتتبع.
(ولا فرق في ذلك) أي : لعدم التكليف بعد عدم ظفره (بين العام البلوى وغيره ، ولا بين العامة والخاصة ، ولا بين المخطئة والمصوّبة ، ولا بين المجتهدين والاخباريين) لأن الجميع متفقون على ان الثواب والعقاب بدون البيان قبيح لا يصدر منه سبحانه غير أن الأخباريين يقولون بوجود البيان : وهو الدليل العام من أخبار التوقف والاحتياط والتثليث الدال على ان الشبهة التحريمية يجب الاجتناب عنها.
(و) كذلك (لا) فرق فيما ذكرناه : من انه لا تكليف فعليّ (بين أحكام الشرع وغيرها من أحكام سائر الشرائع) السماوية.
(و) كذا لا فرق بين المولى الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى وبين (سائر الموالي بالنسبة الى عبيدهم) لأنّ ذلك حكم عقليّ فطري يعترف به الجميع.