هي الاباحة من غير ملاحظة الظنّ بعدم تحريمه في الواقع.
فهذا الأصل يفيد القطع بعدم اشتغال الذمّة ، لا الظنّ بعدم الحكم واقعا ، ولو أفاده لم يكن معتبرا ، إلّا أنّ الذي يظهر من جماعة كونه من الأدلّة الظنيّة ،
______________________________________________________
(هي : الاباحة) الشرعية بمعنى الأصل أي : (من غير ملاحظة الظنّ بعدم تحريمه في الواقع) حتى يكون أمارة ، فانّه وان ظننا بتحريمه واقعا ، أو ظننا بعدم تحريمه ، أو لم نظن بشيء ، فلا اعتبار بهذه الظنون ايجابا وسلبا في حجّية البراءة حتى تكون البراءة أمارة ، فالبراءة اصل من الاصول العملية.
وعليه : (فهذا الأصل) أي : أصل البراءة (يفيد القطع بعدم اشتغال الذمة) فعلا ، لأنّه التكليف العملي للانسان ، فان حكم البراءة ايضا تكليف ـ كما لا يخفى ـ.
(لا) انّ اصل البراءة يفيد (الظن بعدم الحكم واقعا) ليكون أمارة وذلك لما عرفت : من انّه قد يظن بعدم الحكم واقعا ، وقد يظن بالحكم واقعا ، وقد لا يظن بشيء منهما (ولو) فرض انّه قد (أفاده) أي : افاد الظن بعدم الحكم واقعا (لم يكن معتبرا) هذا الظن لما تقدّم من : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (١) كما في القرآن الحكيم ، فلا يكون البراءة أمارة ، بل اصلا.
(الّا ان الذي يظهر من جماعة) من الأصحاب اللذين سوف نذكر إن شاء الله اسماء بعضهم (كونه) أي : كون اصل البراءة (من الأدلة الظنية) عندهم ، فيكون عندهم أمارة لا أصلا.
__________________
(١) ـ سورة النجم : الآية ٢٨.