يكون إلزام العقل لمحض الفرار عن العقاب المتيقن ، فكذلك طلبه الغير الالزاميّ إذا احتمل الضرر ، بل وكما أنّ أمر الشارع بالاطاعة في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) لمحض الارشاد ، لئلّا يقع العبد في عقاب المعصية ويفوته ثواب الطاعة ولا يترتب على مخالفته سوى ذلك ،
______________________________________________________
ارشادي ، لكن الأول : ارشادي لازم ، والثاني : ارشادي مندوب.
وعليه : فاذا تيقن الانسان بالضرر الاخروي فيما اذا خالف الواجبات أو المحرمات المعلومة تفصيلا أو اجمالا (يكون الزام العقل) بالاطاعة ، حتى لا يقع في محذور ، ترك الواجب أو فعل المحرم ؛ وذلك (لمحض الفرار عن العقاب المتيقن) في الآخرة (فكذلك طلبه) أي : طلب العقل (غير الالزامي اذا احتمل) الانسان (الضرر) الذي هو ليس بعقاب وإنّما مفسدة دنيوية في فعل شيء أو ترك شيء يكون غير الزامي ، فامر العقل قد يكون واجبا ، وقد يكون مستحبا (بل) أمر الشرع كذلك.
واليه أشار المصنّف بقوله : (وكما ان أمر الشارع بالاطاعة) بالواجبات والمحرمات المعلومة اجمالا أو تفصيلا (في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١) لمحض الارشاد ، لئلا يقع العبد في عقاب المعصية) الاخروية (ويفوته ثواب الطاعة) الاخروية.
هذا (ولا يترتب على مخالفته سوى ذلك) فانّ الانسان الذي يخالف (أَطِيعُوا اللهَ) ليس عليه عقابان : عقاب ترك الصلاة ، وعقاب ترك (أَطِيعُوا اللهَ) كما انّه اذا صلّى لا يكون له ثوابان : ثواب (أَطِيعُوا اللهَ) وثواب اتيان الصلاة.
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٥٩.