انّ أصالة الاباحة في مشتبه الحكم إنّما هو مع عدم أصل موضوعيّ حاكم عليها ، فلو شك في حلّ أكل حيوان مع العلم بقبوله التذكية
______________________________________________________
عليه : بالأصل السببي والمسببي ، فالأصل السببي جار في الموضوع ، والأصل المسببي جار في الحكم ، وكلّما جري الأصل السببي لا يبقى مجال لجريان الأصل المسببي على ما سيأتي في باب الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا ، فاذا ذبحنا حيوانا بشرائط الذبح مع علمنا بأن ذلك الحيوان قابل للتذكية ، لا نشك بعد ذلك في طهارة هذا الحيوان الميّت بعد ذبحه ، أما اذا ذبحنا حيوانا ولا نعلم بأنه قابل للتذكية ، أم لا؟ كما اذا ذبحنا قردا فانّه لا نتمكن أن نحكم بطهارة ميتته بعد ذبحه ، لأن الحيوان بعد الموت بدون علم بتذكيته نجس ، فأصل النجاسة يبقى ولا حاكم عليه حتى نقول بطهارة ميتة القرد ـ مثلا ـ بعد ذبحه.
وبذلك ظهر : (انّ اصالة الاباحة في مشتبه الحكم) أي : في الشبهة الحكمية التحريمية التي هي محل بحثنا في باب البراءة (انّما هو مع عدم أصل موضوعي حاكم عليها) أي : على أصالة الاباحة فاذا كان لم يبق مجال للاباحة.
فلو شككنا في حلّ مال كان سابقا للغير ولم نعلم بانتقاله الينا ، أو كونه في بيت من تضمنته الآية ، أو ما أشبه ذلك ، لا نحكم بحليته لاصالة بقاء حرمته ، فأصل بقاء الحرمة لا يدع مجالا للحلّية المستفادة من أدلّة البراءة.
وهكذا ، لو شككنا في حليّة امراة كانت محرّمة علينا من جهة أن الوكيل نكحها أم لا ، كان الأصل حرمتها ، لأنها كانت محرّمة ونشك في حليتها ، واذا جرى هذا الأصل لم يجر اصالة الاباحة ، فأصالة الاباحة متوقفة على عدم جريان أصل الحرمة.
وعلى هذا (فلو شك في حلّ أكل الحيوان مع العلم بقبوله التذكية) كخروف