فكلّ ما شك في كونه طيّبا ، فالأصل عدم إحلال الشارع له.
قلنا : إنّ التحريم محمول في القرآن على الخبائث والفواحش ، فاذا شكّ فيه فالأصل عدم التحريم ،
______________________________________________________
فان في الآية استفهام قال سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) (١) فهو مثل : انّ يقول ما ذا أشتري؟ فيقول : التفاح ، فانّه يدل على الحصر ، فلا يقال : انّه من مفهوم اللقب.
وعليه : (فكلّما شك في كونه طيبا ، فالأصل عدم احلال الشارع له) اذ لو قلنا : انّه طيب فهو حلال ، كان من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، فيكون مثل ما اذا قال : اكرم العالم ، ولم نعلم انّ زيدا عالم ، أو ليس بعالم ، فنكرمه تمسكا بأكرم العالم.
لو قيل ذلك (قلنا) : هذا الاستدلال باطل لوجوه ثلاثة :
الأول : (انّ التحريم محمول في القرآن على الخبائث) والمراد بالخبيث : امّا ما ينفّر الطبع ، وإما ما يضر ، (والفواحش) ما يكون فاحشا ومتعديا في القبح ، حيث قال سبحانه : (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (٢).
وقال سبحانه : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) (٣) والحرمة في المقام منحصرة في الخبيث.
وعليه : (فاذا شك فيه) أي : في شيء انّه خبيث أم لا؟» (فالاصل عدم التحريم) فانّه اذا شككنا في شيء انّه خبيث أو ليس بخبيث ، ثم تمسكنا بحرمته
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٤.
(٢) ـ سورة الاعراف : الآية ١٥٧.
(٣) ـ سورة الاعراف : الآية ٣٣.