وإمّا بأن يكون الدالّ على متعلق الحكم كذلك ، سواء كان الاجمال في وضعه كالغناء إذا قلنا باجماله فيكون المشكوك في كونه غناء محتمل الحرمة ،
______________________________________________________
والكراهة ، لاستعماله تارة في الحرمة واخرى في الكراهة ، فاذا ورد نهي ولم نعرف من القرينة الخارجية انّ المراد به الحرمة أو الكراهة كان مجملا ، فيدور الأمر بين أن يكون الشيء الفلاني المتعلق بهذا النهي حراما أو مكروها.
وكذلك الحال اذا قلنا بأنّ النهي ليس مشتركا لفظيا بين الحرمة والكراهة ، وإنّما هو مشترك معنوي بينهما ، أو انّه موضوع للحرمة ويغلب استعماله في الكراهة ، أو موضوع للكراهة ويغلب استعماله في الحرمة.
(وأما بأن يكون الدال على متعلق الحكم كذلك) أي : مجملا ، وذلك بأن لم يكن اللفظ الدال على الحكم مجملا ، وانّما يكون اللفظ الدال على موضوع الحكم مجملا مرددا بين أمرين ، فانّه اذا كان المتعلق مجملا سرى الاجمال منه الى الحكم.
مثلا : اذا قال : لا تكرم الفاسق ، وشك في انّ المراد منه كلّ أقسام الفسق صغيرة وكبيرة ، أو مرتكب الكبيرة فقط؟ فيكون حرمة اكرام مرتكب الصغيرة مشكوكا ، وذلك لاجمال متعلق التكليف وموضوعه ، فيسري اجمال الموضوع الى الحكم ، فيكون الحكم مجملا مشتبها فيه (سواء كان الاجمال في وضعه) اللّغوي (كالغناء اذا قلنا باجماله) فانّ اللغويين اختلفوا في معناه وانّه هل هو الصوت المطرب ، أو الصوت المرجّع فيه ، أو الصوت الجامع لهما؟.
وعليه : (فيكون المشكوك في كونه غناء) وهما المعنيان الأوّلان (محتمل الحرمة) لأن المتيقن هو الصوت المطرب المرجّع فيه ، أما الصوت المطرب وحده ، أو المرجّع فيه وحده فهو محتمل الحرمة ، فيرجع فيه الى البراءة.