مدفوع
______________________________________________________
فان العبد ارتكب حراما بعد بيان المولى وجوب الاجتناب عليه من كلّ الامور المحتملة ، بل بناء العقلاء على الاجتناب في أمثاله.
فاذا قال الطبيب للمريض مثلا يضرك لحم الإبل فاتركه ، وعلم المريض بأنّ هذه اللحوم الثلاثة لحم الإبل وشك في اللحم الرابع ، فان العقلاء يتجنّبون عنه حذرا من الوقوع في المحذور ، وكذلك فيما إذا علم الانسان بأن هذه الأواني سم وشك في إناء آخر هل انّه سم أم لا؟ فانّه يتجنبه حذرا من الوقوع في محذوره.
هذا التوهم (مدفوع) لأنّ الحكم انّما يتنجّز على الانسان ، ويصح العقاب على مخالفته بأمرين :
الأول : العلم بالحكم علما وجدانيا ، أو ان يكون هناك طريق الى الحكم : من الخبر الصحيح ، وما أشبه ذلك.
الثاني : العلم بالموضوع ، أو أن يكون هناك أمارة على الموضوع : من بيّنة ونحوها.
فحينئذ يقال مثلا هذا خمر وكل خمر حرام ، سواء كان العلم بالحكم وكذلك بالموضوع علما إجماليا أو علما تفصيليا ، وذلك على ما قرّر في باب القطع : من أن العلم الاجمالي أيضا منجّز بشروطه المذكورة ، وبدون هذين العلمين لا يكون الحكم منجزا على الانسان سواء علم بالموضوع دون الحكم ، أو بالحكم دون الموضوع.
وعليه : فمن عرف الخمر لكنّه لا يعلم انّه حرام ، ولم يقم عنده طريق معتبر ، لا يحق للعقلاء عقوبته ، وكذا من عرف الحرمة ، لكنّه لا يعلم ان هذا المائع خمر ، ولم يقم على خمريته أمارة معتبرة ، فالحكم لا يتنجّز على الانسان ولا يصح