ومبنى الوجهين أنّ اباحة التصرّف هي المحتاجة إلى السبب
______________________________________________________
فكما انّ الملكية تتوقف على أحد الأسباب المعهودة : من الحيازة ، أو الارث ، أو الانتقال الى الشخص بعقد أو إيقاع أو ما أشبه ذلك ، كذلك حليّة التصرفات تتوقف بمقتضى الاستقراء على أحد الأسباب المعهودة المحلّلة : من حق التحجير ـ وان احتملنا نحن في الفقه : انّ تحجير الأرض الموات يوجب الملكية ، لا جواز التصرف فحسب كما هو المشهور (١) ، وحقّ المارّة ، والنثار في الأعراس ، والضيافة ، وإعراض المالك ، أو إعراض من بيده الإعراض ، كالمتولّي الذي يحق له الاعراض في مثل الحصير البالي ، والثوب الخلق ، وما أشبه ذلك.
وعليه : فلا يحلّ التصرف بدون هذه الأسباب ، وحيث لم نعلم بأحد هذه الأسباب لم يجز التصرف ، كما اذا لم نعلم بأحد أسباب الملك لم يجز التصرفات المتوقفة على الملك من البيع وما أشبه.
لكن ربّما يقال : انّ قوله عليهالسلام «لا يحل مال الّا من حيث أحلّه الله» لا يدل على المنع ، لأنّه متعرض للحكم ، والدليل على الحكم لا يكون دليلا على الموضوع وجودا ولا عدما ، فاذا قال : «أكرم العالم» لا يكون أكرم معيّنا لكون زيد عالما أو ليس بعالم ، فالاستدلال بأكرم العالم على انّ زيدا عالم ، أو على ان زيدا ليس بعالم لا وجه له.
(ومبنى الوجهين) أي : وجه الحليّة حيث قلنا «يمكن القول به» ، وعدم الحليّة حيث قلنا : «ويمكن عدمه» ، التحقيق في الأصل الذي هو كبرى كلية لهذه الصغرى الجزئية فهل (ان اباحة التصرّف هي المحتاجة الى السّبب) المحلّل :
__________________
(١) ـ انظر موسوعة الفقه ج ٨٠ كتاب احياء الموات للشارح.