مغنية عن أصالة الاباحة ، إلّا أنّه لا ريب في أنّ الاحتياط في الجميع موجب لاختلال النظام ، كما ذكره المحدّث المتقدّم ، بل يلزم أزيد ممّا ذكره فلا يجوز الأمر به من الحكيم ، لمنافاته للغرض
______________________________________________________
المستحسن الاحتياط بغسله ، وكذا لو أخذ لحما من يد مسلم غير ملتزم ممّا يشك في انّه مذكّى أو ليس بمذكى ، فانّه من الأفضل أن يحتاط الانسان بالاجتناب عن مثل هذا اللحم مع وجود قوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال» (١) علما بأنّ الأمارة في الشبهات الموضوعيّة كاليد وسوق المسلمين (مغنية عن أصالة الاباحة) لأنك قد عرفت : انّ الأمارة دليل ، والأصل أصيل حيث لا دليل ، فانّه ما دامت الأمارة موجودة فلا تصل النوبة الى الاصل.
(الّا انّه لا ريب في أنّ الاحتياط في الجميع) أي : في جميع الموارد من الشبهة الموضوعيّة والحكمية ، الوجوبية منهما والتحريمية (موجب لاختلال النّظام كما ذكره المحدّث المتقدّم) وهو الشيخ الحرّ العامليّ رحمهالله (بل يلزم أزيد ممّا ذكره) إذا أراد الانسان الاحتياط التام لأنّه شيء لا يطاق (فلا يجوز الأمر به) أي : باستحباب الاحتياط في الكلّ (من الحكيم) تعالى ، كما أن العقل لا يحبّذ مثل هذا الاحتياط.
وانّما لا يأمر به الحكيم (لمنافاته للغرض) وهو بقاء النظام ، كما انّ العقل لا يحبّذه لأن العقل يرى انّ وجوب حفظ النظام أهم من كلّ شيء ، من غير فرق بين النظام العام لكلّ المجتمع ، أو النظام الخاص لفرد واحد ، فانّ اختلال النظام سواء كان عاما أو خاصا منفور منه شرعا وعقلا ، وحيث لا نتمكن من الاحتياط
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٣١٣ ح ٤٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٧ ص ٢٢٦ ب ٢١ ح ٩ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ٨٩ ب ٤ ح ٢٢٠٥٣ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٧٣ ب ٣٣ ح ١٢.