وأمّا ما ذكره المستدلّ ـ من أنّ المراد من وجود الحلال والحرام فيه احتماله وصلاحيته لهما ـ فهو مخالف لظاهر القضيّة ولضمير «منه» ولو على الاستخدام.
______________________________________________________
(وأمّا ما ذكره المستدلّ : من انّ المراد من وجود الحلال والحرام فيه) ليس تقسيمه إليهما ، بل (احتماله) أي : احتمال المشتبه (وصلاحيته) أي : صلاحية المشتبه (لهما) أي : للحلية والحرمة ، حيث انّ المستدلّ أرجع التقسيم إلى الترديد (فهو) غير تام لما يلي :
أولا : انه (مخالف لظاهر القضيّة) كما عرفت : من انّ ظاهر القضية وجود الحلال والحرام فعلا ، لا احتمال الحرام والحلال ترديدا.
(و) ثانيا : انّه مخالف (لضمير «منه») لأن لفظة «من» للتبعيض ، والتبعيض ظاهر في وجود القسمين فعلا ، فلا يمكن إرجاع الضمير في «منه» إلى المشتبه المحتمل للحلّ والحرمة ، لأن المشتبه المردد بين الحلال والحرام ليس فيه قسمان فيكون إرجاعه إليه غير جائز (ولو على الاستخدام) بأن يراد من الشيء : المشتبه ، ومن ضمير «منه» النوع استخداما حتى يكون المعنى : ان المشتبه الذي فيه احتمالان ، لك حلال حتى تعرف القسم الحرام من نوعه.
وعلى أي حال : فالحديث في نظر المصنّف مختصّ بالشبهة الموضوعيّة ولا يشمل الشبهة الحكمية ، لكنّ الظاهر : شموله لهما ، فهذا اللحم الشخصي الخارجي الذي لم يعلم انّه من الميتة أو المذكى لك حلال وهو شبهة موضوعية ، وهذا اللحم الكليّ للغراب الذي لم يعلم انه حلال أو حرام ـ حيث في كليّ اللحم حلال كلحم الحمام ، وحرام كلحم الطاوس ـ هو لك حلال ، وهو شبهة حكمية ، وهذا هو الذي أشار إليه النراقي ، وإن كان في بعض كلام النراقي تأمّل ذكره المصنّف.