فانّ الحكم بترخيص الشارع لمحتمل الحرمة قول عليه بغير علم وافتراء ، حيث انّه لم يؤذن فيه. ولا يرد ذلك على أهل الاحتياط ، لأنّهم لا يحكمون بالحرمة ، وإنّما يتركون لاحتمال الحرمة ، وهذا بخلاف الارتكاب ،
______________________________________________________
إِلَّا الظَّنَ) (١) ، وقوله سبحانه : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢) الى غير ذلك.
(فانّ الحكم بترخيص الشارع لمحتمل الحرمة) حيث انّ الاصوليين يقولون : بأنّ الشارع رخّص في محتمل الحرمة ولذلك يجرون البراءة ، هو : (قول عليه) أي : على الشارع (بغير علم وافتراء) عليه ، وذلك غير جائز (حيث انّه) أي : هذا الحكم بالبراءة (لم يؤذن فيه) شرعا بدلالة الآيات الناهية.
(و) انّ قلت : إنّ الاخباريين أيضا كذلك لانهم يقولون بالاحتياط في الشبهة الحكمية من دون علم ، وهو افتراء لأنّ الشارع لم يقل بالاحتياط فيها.
قلت : (لا يرد ذلك) الاشكال (على أهل الاحتياط) وذلك (لأنهم لا يحكمون بالحرمة) حتى يقال بأنّ القول بالحرمة أيضا افتراء على الله (وانّما يتركون) الشبهة التحريمية (لاحتمال الحرمة) فيها ، فاذا احتملوا الحرمة في التتن ـ مثلا ـ تركوا شربه ، لا أنّهم يقولون بانّه حرام.
(وهذا) أي : عمل الاخباريين بالترك (بخلاف الارتكاب) الذي يعمله
__________________
(١) ـ سورة النجم : الآية ٢٨.
(٢) ـ سورة يونس : الآية ٦٨.