لم يجر الاستصحاب بالتقرير المتقدّم.
نعم ، لو كان بين واجد الشرط وفاقده تغاير كلّي في العرف ، نظير الرقبة الكافرة بالنسبة إلى المؤمنة ،
______________________________________________________
كما (لم يجر الاستصحاب) فيما نحن فيه أيضا ولا في كثير من الامور.
أما تصور المسامحة العرفية هنا فيكون (بالتقرير المتقدّم) وهو : ان الجامع للشروط مع الفاقد للبعض يكون بنظر العرف واحدا ، لانه عندهم من تبدل الحالات لا من تبدل الموضوع ، وكما يجوز في أمثال هذه الموارد المشكوكة التمسك باستصحاب وجوب المشروط ، كذلك يجوز فيما نحن فيه التمسك بدليل الميسور ، لان العرف يرى ان الباقي هو الميسور من المعسور الذي لا يتمكن المكلّف منه إطلاقا ، أو يتمكن منه لكن بعسر مرفوع شرعا.
(نعم ، لو كان بين واجد الشرط وفاقده تغاير كلّي في العرف ، نظير الرقبة الكافرة بالنسبة إلى المؤمنة) فان بينهما تغاير كلي ، وقد أشار تعالى إلى المغايرة هذه وهو يصف الكفار بقوله : (يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) (١).
وقال جلّ ذكره : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) (٢).
وقال عزّ من قال : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) (٣).
وقال سبحانه تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) (٤) إلى غير ذلك.
__________________
(١) ـ سورة محمد : الآية ١٢.
(٢) ـ سورة الفرقان : الآية ٤٤.
(٣) ـ سورة الاعراف : الآية ١٧٦.
(٤) ـ سورة الجمعة : الآية ٥.