ومن أن الواقع إذا كان في علم الله سبحانه غير ممكن الوصول إليه وكان هنا طريق مجعول مؤدّاه بدلا عنه ، فالمكلّف به هو : مؤدّى الطريق دون الواقع على ما هو عليه ، فكيف يعاقب الله على شرب العصير من يعلم أنّه لم يعثر بعد الفحص على دليل حرمته.
ومن أنّ كلا من الواقع ومؤدّى الطريق تكليف واقعي ، أمّا إذا كان التكليف ثابتا في الواقع ، فلأنه كان قادرا على موافقة الواقع بالاحتياط ، وعلى إسقاطه
______________________________________________________
(ومن ان الواقع إذا كان في علم الله سبحانه) وتعالى (غير ممكن الوصول إليه) لاختفائه بسبب الاغراض والأطماع السياسية وما أشبه ذلك (وكان هنا) ك (طريق مجعول) أي : جعل (مؤدّاه بدلا عنه) أي : عن الواقع (فالمكلّف به هو : مؤدّى الطريق دون الواقع على ما هو عليه).
وعليه : فاذا كان عمل الجاهل مخالفا للطريق عوقب ، وإذا كان موافقا للطريق لم يعاقب ، سواء وافق الطريق الواقع أم خالفه.
وإنّما لم يكن مناط العقاب الواقع ، لأن المفروض عدم إمكان الوصول إليه (فكيف يعاقب الله على شرب العصير من يعلم انّه لم يعثر بعد الفحص على دليل حرمته؟).
وأشار إلى ثالث الوجوه وهو : كون المؤاخذة على مخالفة أحدهما : من الواقع أو الطريق بقوله : (ومن انّ كلا من الواقع ومؤدّى الطريق تكليف واقعي) اما الواقع فلأنه هو الأصل ، واما مؤدّى الطريق فلأنه بديل عن الواقع ، فيعاقب في الصورتين كما قال : (أمّا) معاقبته على ما (إذا كان التكليف ثابتا في الواقع ، فلأنه كان قادرا على موافقة الواقع بالاحتياط ، و) كان قادرا أيضا (على إسقاطه) أي :