وإنّما يعقل ذلك فيما إذا حدث التكليف الثاني بعد تحقق معصيته الأوّل ، كمن عصى بترك الصلاة مع الطهارة المائية ، فكلّف لضيق الوقت بالترابية.
______________________________________________________
ولا في مقام مسألة الضد من الواجبين المضيّقين أحدهما أهم ، أو أحدهما موسّع دون الآخر.
وإنّما لا نعقل الترتب فيهما ، لأن الأمر الثاني فيهما وان لم يصعد إلى مرتبة الأوّل إلّا ان الأمر الأوّل ينزل إلى مرتبة الأمر الثاني ، لأن المولى يريد الأمر الأوّل مطلقا ، امّا الأمر الثاني فلا يريده إلّا في حال عصيان الأمر الأوّل.
مثلا : إذا كان المولى ضامئا وسقط طفل له البئر ، فانه يقول لعبده : انقذ الطفل ، فاذا عصاه العبد في أمره هذا قال له : إذن جئني بالماء ، فانّ أمر المولى بانقاذ الطفل مطلق شامل لوقت إتيان العبد بالماء أيضا وان كان الأمر باتيان الماء لا يصعد إلى وقت إنقاذ الطفل.
هذا ، وقول المولى له : جئني بالماء إنّما هو ليخفف عنه عقابه ، وإلّا فالمولى يعاقب العبد على ترك الانقاذ سواء أتى بالماء أم لم يأت به.
إذن : فالترتب لا يعقل في المقامين (وإنّما يعقل ذلك) الترتب (فيما إذا حدث التكليف الثاني بعد تحقق معصيته) للأمر (الأوّل) وذلك بأن لم يبق للأمر الأوّل مجال إطلاقا.
وذلك أمّا مثاله فهو : (كمن عصى بترك الصلاة مع الطهارة المائية ، فكلّف لضيق الوقت بالترابية) فان في هذه الصورة لا تكليف بالماء إطلاقا ، لسقوطه بسبب العصيان ، فالمولى يأمره حينئذ بالتراب وان كان يعاقبه على تفويته مصلحة الماء ، ومثل هذا الترتب لا يستلزم الأمر بالضدين بخلاف الترتب في المقامين