ومع ذلك فقد استقرّت سيرة الفريقين على الاستدلال بها في مقابل العمومات المثبتة للأحكام وعدم رفع اليد عنها إلّا بمخصّص قويّ في غاية الاعتبار ، بحيث يعلم منه انحصار مدرك الحكم في عموم هذه القاعدة.
______________________________________________________
ونحوها ضررا.
وعليه : فاعتبار مثل هذه الامور ضررا وتخصيصا في دليل لا ضرر محل منع قطعي ، كما ان تعميم الضرر لما فيه المكروه خلاف اللغة والعرف والشرع.
إذن : فهذا الاشكال وهو : كثرة التخصيصات في لا ضرر الموهن لها ، من أساسه محل نظر.
(و) لكن (مع ذلك) الوهن كله على فرض تسليمه كما يراه المصنّف ، فان القاعدة معتبرة عند المسلمين كلهم (فقد استقرّت سيرة الفريقين) من العامة والخاصة (على الاستدلال بها) أي : بقاعدة لا ضرر (في مقابل العمومات المثبتة للأحكام) فيسقطون بها وجوب الوضوء الضرري ـ مثلا ـ ولزوم البيع الغبني وغير ذلك من أمثلة تخصيص لا ضرر للعمومات الموجودة من أول الفقه إلى آخره.
كما (و) استقرت سيرتهم أيضا على (عدم رفع اليد عنها) أي : عن قاعدة لا ضرر (إلّا بمخصّص قويّ في غاية الاعتبار) مثل : أدلة وجوب الخمس والزكاة ، والكفارات والديات ، وغيرها من الأحكام الضرورية الثابتة بالدليل القطعي ، لكن هذا التخصيص قد عرفت ما فيه ، فانه تخصّص لا تخصيص.
لا يقال : فلعل الفقهاء ذكروا سقوط الوضوء الضرري وما أشبه لدليل خاص لا لقاعدة لا ضرر ، لأن قاعدة لا ضرر ساقطة بسبب كثرة التخصيصات.
لأنّه يقال : انّهم ذكروا سقوط الوضوء الضرري وما أشبه ذلك مستدلين له بقاعدة لا ضرر (بحيث يعلم منه انحصار مدرك الحكم في عموم هذه القاعدة)