وبأنّه يقتضي أن يكون النزاع مختصا بالشك من حيث المقتضي لا من حيث الرافع ـ
______________________________________________________
ثانيا : (وبأنّه يقتضي أن يكون النزاع مختصا بالشك من حيث المقتضي) وذلك كالشك في بقاء النجاسة للماء الذي زال تغيّره من نفسه ، فإن القائل باستغناء الباقي عن المؤثر يرى وجود المقتضي للنجاسة فيستصحب النجاسة ، بينما القائل بعدم استغناء الباقي عن المؤثر وإنه لا بد من العلة المبقية ، يرى عدم وجود المقتضي للنجاسة فلا يستصحب النجاسة.
إذن : فيكون النزاع على هذا مختصا بصورة الشك في المقتضي و (لا) يشمل صورة الشك (من حيث الرافع) وذلك كالشك في بقاء الطهارة ، فإن الطهارة مما إذا وجدت اقتضت البقاء إلّا أن يزيلها رافع ، فلا شك فيه حينئذ من حيث المقتضي حتى يكون مشمولا للنزاع.
وعليه : فإن الشك قد يكون في المقتضي ، وقد يكون في الرافع ، فإذا أوقدنا السراج ـ مثلا ـ أول الليل ، وشككنا في بقاء إنارته منتصف الليل ، فإن الشك المذكور قد يكون من باب الشك في المقتضي : بأن لا نعلم هل إن زيته كان بمقدار يبقى الى الصباح أم لا؟ وقد يكون من باب الشك في الرافع : بأن نعلم أن زيته كان بمقدار يبقى الى الصباح ، لكن لا نعلم هل ان ريحا هبّت فأطفأته أم لا؟ وهذا بالنسبة الى العرفيات.
أما بالنسبة الى الشرعيات فكذلك ، فإنه قد يكون الشك ، فيها من باب الشك في المقتضي ، كما مثّلنا له بالماء المتغيّر الذي زال تغيّره من نفسه ، حيث لا نعلم هل إن التغيّر يقتضي بقاء النجاسة حتى بعد زواله أم لا؟ وقد يكون من باب الشك في الرافع ، كما مثلنا له بالشك في بقاء الطهارة ، حيث نعلم أن الطهارة إذا ثبتت