.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : إن الاستدلال هنا على حجية الاستصحاب بالاستقراء ، أولى من الاستدلال هناك على حجية البيّنة بالاستقراء كما فعله جماعة من الفقهاء حيث استدلوا به على حجية شهادة العدلين في مطلق الموضوعات من أول الفقه الى آخر الفقه عدا ما خرج بالدليل كالزنا حيث يحتاج الى أربعة شهود ، وكالوصية حيث يقبل فيها شهادة امرأة واحدة بالنسبة الى الربع ـ مثلا ـ فقالوا :
إنّا تتبعنا موارد الشك في الموضوعات فوجدنا إنه كلما كان هناك اشتباه في الموضوع حكم الشارع فيه باعتبار شهادة العدلين مما يظهر منه أن شهادة العدلين حجة عند الشارع مطلقا.
هذا إضافة الى ما ورد من قوله عليهالسلام : «والأشياء كلها على ذلك حتى تستبين أو تقوم به البيّنة» (١) وذلك بناء على ظهور البيّنة في البيّنة الشرعية التي هي شهادة العدلين ، لا البيّنة اللغوية التي وردت في القرآن الحكيم ، حيث قال تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (٢) الى غير ذلك.
وإنّما قلنا : بأن الاستقراء هنا أولى بالحجية من الاستقراء هناك في البيّنة الذي ذكره غير واحد ، لأن موارد الاستقراء هنا في باب الاستصحاب أكثر من موارد الاستقراء هناك في باب الشهادة ، فإذا كان باب الشهادة ينفع فيه الاستقراء كان نفع الاستقراء في باب حجية الاستصحاب بطريق أولى.
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٣١٣ ح ٤٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٧ ص ٢٢٦ ب ٢١ ح ٩ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ٨٩ ب ٤ ح ٢٢٠٥٣ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٧٣ ب ٣٣ ح ١٢.
(٢) ـ سورة البيّنة : الآية ١.