فانّ تحمّل الغير على الضرر ولو يسيرا ، لأجل دفع الضرر عن الغير ولو كثيرا ، حرج ، ولذا اتفقوا على أنّه يجوز للمكره الاضرار على الغير بما دون القتل ، لأجل دفع الضرر عن نفسه ، ولو كان أقل من ضرر الغير ، هذا كلّه في تعارض ضرر المالك وضرر الغير.
وأمّا في غير ذلك ،
______________________________________________________
من ان نفي الحرج حاكم على نفي الضرر ، فانه وان كان ضرر الجار كثيرا وضرر النفس قليلا ، إلّا ان قاعدة لا حرج توجب تقديم لا ضرر النفس على لا ضرر الجار كما قال : (فانّ تحمل الغير) أي : النفس (على الضرر ولو يسيرا لأجل دفع الضرر عن الغير) أي : الجار مثلا (ولو كثيرا حرج) على النفس (ولذا اتفقوا على انّه يجوز للمكره الاضرار على الغير بما دون القتل) إضرارا (لأجل دفع الضرر عن نفسه) كما في الوالي الجائر (ولو كان) ضرره على نفسه (أقل من ضرر الغير).
وعلى قول المصنّف هذا : فانه إذا قال الجائر : اقطع يد زيد ورجله ، أو اقلع عينيه واجدع أنفه ، أو اصلم أذنيه واقلع أسنانه ـ مثلا ـ وإلّا قطعت اصبعا من أصابعك ، جاز له اضرار الغير حتى لا تقطع اصبع من أصابعه.
هذا ، ولكنّك قد عرفت : ان هذا خلاف ظاهر الأدلة ، بل لا يعلم من إطلاق الفقهاء شمول مثل ذلك ، بل مقتضى القاعدة هو ما ذكرناه : من ملاحظة الأهم إذا كان هناك أهم ، أو التخيير إذا كان تساو مع ضمان ضرر الغير ، وذلك جمعا بين الدليلين : دليل لا ضرر ، ودليل الضمان.
(هذا كلّه في تعارض ضرر المالك وضرر الغير) بأن دار الأمر بين ان يتضرر المالك أو يتضرر الغير.
(وأمّا في غير ذلك) بأن كانت هناك واقعة دار الأمر فيها بين اضرار زيد