بمجرّد مزيّة لم يعلم اعتبارها ، لا وجه له.
لأنّ المعارض المخالف بمجرّده ليس طريقا فعليّا لابتلائه بالمعارض الموافق للأصل ،
______________________________________________________
على خلافه ، فما دام لم يقم طريق فعليّ على خلاف الأصل فرفع اليد عن مقتضاه (بمجرّد مزيّة) في أحد الخبرين المتعارضين (لم يعلم اعتبارها) أي : اعتبار تلك المزية (لا وجه له).
وإنّما لا وجه لرفع اليد عن مقتضى الأصل بمجرّد وجود مزية في الخبر الآخر لأن المفروض أن كل واحد من الخبرين هو حجّة ، والمزيّة حسب الفرض لم يثبت اعتبارها ، فكيف يرفع اليد عن أحد الحجّتين بمجرّد وجود مزيّة غير ثابتة الاعتبار في الحجّة الأخرى؟ فإنّه من قبيل أنقذ الغريق ، الشامل لوجوب انقاذ زيد وعمرو ، اللذين غرقا معا ، غير أنّه يقال له : يجب إنقاذ زيد خاصة غير مخيّر بينه وبين عمرو ، وذلك لأن زيدا ـ مثلا ـ جار لنا أو ابن صديقنا أو ما أشبه ذلك من المزايا ، التي لا توجب تعيين زيد للانقاذ دون عمرو ، فكما أنّه لا يجب التعيين هنا بهذه المزية ، فكذلك فيما نحن فيه.
والحاصل : أنه يجب الرجوع إلى الأصل الموجود في تلك المسألة إذا لم يخالف الأصل كلا المتعارضين ، ولا وجه لرفع اليد عن مقتضى الأصل في أحدهما لوجود مزيّة في الآخر المخالف للأصل ، وذلك (لأنّ المعارض المخالف) للأصل (بمجرّده) أي : مع قطع النظر عن رجحانه بمزيّة لم يثبت اعتبارها (ليس طريقا فعليّا) وإن كان طريقا شأنا ، إلّا أنه لا يجدي فعلا (لابتلائه بالمعارض الموافق للأصل).
إن قلت : وجود المزية في الآخر يؤثر في رفع المعارض الذي لا مزية له ،