والسرّ في ذلك ، ما أشرنا إليه سابقا من أنّ مصبّ الترجيح بها هو ما إذا لم يمكن الجمع بوجه عرفي يجري في كلامين مقطوعي الصدور على غير جهة التقيّة ، بل في جزئي كلام واحد لمتكلّم واحد.
______________________________________________________
حيث إنّ النصّ والأظهر لا يعارضهما الظاهر.
(والسرّ في ذلك) أي : فيما ذكرناه : من تقديم الترجيح باعتبار قوّة الدلالة على سائر المرجّحات الأخر (ما أشرنا إليه سابقا) في بحث أولوية الجمع من الطرح (من أنّ مصبّ الترجيح بها) أي : إنّ مورد الترجيح بسائر المرجّحات (هو : ما إذا لم يمكن الجمع بوجه عرفيّ) وأمّا لو أمكن ذلك ، بأن رأى العرف انّ المراد من الكلامين حمل أحدهما على الآخر ، مثل الظاهر والأظهر ، والنصّ والظاهر ، فانّه لا يتأمّل في حمله عليه ، لأنّه يرى أنّ ذلك (يجري في كلامين مقطوعي الصدور على غير جهة التقيّة).
مثلا : إذا قطع العرف بأنّ المولى قال : أكرم العلماء ، وقطع أيضا بأنّه قال أيضا :
لا تكرم زيدا ، فانّهم يرون بلا تأمّل أن «لا تكرم زيدا» يخصّص «أكرم العلماء» ، نعم ، إذا علموا بأنّ قول المولى : «لا تكرم زيدا» ، صادر على وجه التقيّة ، لا يجمعون بمثل هذا الجمع ، بل يقولون بوجوب إكرام كلّ عالم حتّى زيد.
(بل) وكذلك الحال (في جزئي كلام واحد لمتكلّم واحد) فانّهم يحملون الظاهر على الأظهر ، والظاهر على النصّ ، فإذا سمعوا أحدا يقول ـ مثلا ـ : رأيت أسدا يرمي ، فانّهم يحملون أسد على الرجل الشجاع ، وذلك لأنّ الأسد وان كان ظاهرا في معنى الحيوان المفترس ، إلّا أنّ يرمي أظهر منه في رمي النبل ، ولذا يحملون الظاهر الذي هو الأسد على الأظهر الذي هو يرمي ، فيقولون : بأنّ المتكلّم أراد من الأسد انّه رأى رجلا شجاعا يرمي النبل.