وإن كان الخبران موافقين للعامّة ، أو مخالفين لهم ، نظر في حالهما.
فإن كان متى عمل بأحد الخبرين ، أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه وضرب من التأويل ، وإذا عمل بالخبر الآخر لا يمكن العمل بهذا الخبر الآخر ، وجب العمل بالخبر الذي يمكن مع العمل به ، العمل بالخبر الآخر ، لأنّ الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما ،
______________________________________________________
ما هو أعمّ من الموافقة الحقيقيّة ، والموافقة الميليّة ، وذلك لما تقدّم في بعض الأخبار من قولهم عليهمالسلام : «ينظر إلى ما هم أميل إليه حكّامهم وقضاتهم فيترك» (١).
خامسا : (وإن كان الخبران موافقين للعامّة ، أو مخالفين لهم ، نظر في حالهما) أي : في حال الخبرين من حيث وجود المرجّح الدلالي وعدمه ، وهذا هو محلّ شاهد المصنّف من نقل هذا الكلام ، حيث جعل الشيخ الترجيح بالدلالة آخر الترجيحات وقال : (فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه وضرب من التأويل ، و) قد تقدّم : إنّ معنى التأويل هنا ما يؤول إليه الجمع بين الكلامين من تخصيص العام ، وتقييد المطلق ، وما أشبه ذلك ، بينما (إذا عمل بالخبر الآخر) وهو العام ـ مثلا ـ (لا يمكن العمل بهذا الخبر الآخر) وهو الخاص ـ مثلا ـ وذلك لأنّا لو عملنا بالعام كان معناه : طرح الخاصّ ، إذا كان كذلك قال : (وجب العمل بالخبر الذي يمكن مع العمل به ، العمل بالخبر الآخر) فنعمل بالخاص في مورد الخصوصيّة ، وبالعام في مورد العموم ، وهكذا.
وإنّما يجب العمل بما يجمع بين الخبرين (لأنّ الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما) أي : انّه لا شكّ في نقلهما ، فالسند معتمد عليه ، وإنّما يكون
__________________
(١) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٨ ح ١٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.