والتحقيق : إنّ هذا كلّه خلاف ما يقتضيه الدليل : لأن الأصل في الخبرين الصدق والحكم بصدورهما فيفرضان كالمتواترين ، ولا مانع عن فرض صدورهما حتى يحصل التعارض ، ولهذا لا يطرح الخبر الواحد الخاصّ بمعارضة العامّ المتواتر.
______________________________________________________
قال المصنّف : (والتحقيق ، إنّ هذا) الذي يظهر من الشيخ ، والمحدّث ، والقمّي : من عدم تقديم الجمع الدلالي على الجمع الترجيحي بسبب أخبار العلاج (كلّه خلاف ما يقتضيه الدليل) الدالّ على حجيّة الخبرين ، وذلك (لأنّ الأصل في الخبرين) علما بأنّ المراد من الاصل هنا هو : مقتضى شمول أدلّة الحجيّة لكلّ من الخبرين : العام والخاص ، والمطلق والمقيّد ، وما أشبه ذلك ، فانّ مقتضاه هو : (الصدق والحكم بصدورهما) من المولى (فيفرضان كالمتواترين) في وجوب الجمع الدلالي بينهما مع الامكان.
إن قلت : إنّ الخبرين المتعارضين إذا لم يمكن جمعهما جمعا عرفيّا ، لا يمكن فرض صدورهما ، لأنّه يستلزم صدور المتنافيين من الشارع الحكيم وهو محال.
قلت : لا تعارض بين النصّ والأظهر مع الظاهر حتّى يكون مانعا عن فرض صدورهما كما قال : (ولا مانع عن فرض صدورهما حتّى يحصل التعارض) بينهما ، وذلك لإمكان الجمع العرفي بينهما ، بحمل العام على الخاص ، والمطلق على المقيّد ، والمجمل على المبيّن ، والمتشابه على المحكم.
(ولهذا) أي : لأجل انّه لا مانع من فرض صدورهما لإمكان الجمع الدلالي بينهما وتقدّمه على إعمال المرجّحات (لا يطرح الخبر الواحد الخاص بمعارضة العامّ المتواتر) فانّ التواتر لا يوجب ترجيح العام على الخاص ، حتّى يطرح الخاص ويؤخذ بالعام المتواتر ، بل يجمع بينهما ، فيخصّص العام المتواتر بسبب