وإن شئت قلت : إنّ مرجع التعارض بين النصّ والظاهر إلى التعارض بين أصالة الحقيقة في الظاهر ودليل حجيّة النصّ ، ومن المعلوم ارتفاع الأصل بالدليل.
______________________________________________________
الخبر الخاص الذي هو حجّة وإن كان خبرا واحدا.
(وإن شئت قلت) في بيان تقدّم الجمع الدلالي على جمع التعارض والعلاج : (إنّ مرجع التعارض بين النصّ والظاهر) مثل «أكرم العلماء» ، و «لا تكرم زيدا» ، حيث إنّ «أكرم العلماء» ظاهر في زيد ، و «لا تكرم زيدا» نصّ في زيد (إلى التعارض بين أصالة الحقيقة في الظاهر) حيث إنّ أصالة الحقيقة تقتضي شمول «أكرم العلماء» لكلّ العلماء حتّى زيد (ودليل حجيّة النصّ) فانّ الدليل الذي يدلّ على حجيّة لا تكرم زيدا يقول : بأنّه يجب أن لا يكرم زيد ، فيتعارضان.
(ومن المعلوم) ثبوت (ارتفاع الأصل) اللفظي وهو أصالة الحقيقة (بالدليل) الدالّ على حجيّة النصّ ، فانّ أصالة الحقيقة بالنسبة إلى أكرم العلماء ترتفع بسبب ما دلّ على حجيّة النصّ ، فلا يكرم زيد ويكرم سائر العلماء.
وإنّما يرتفع الأصل بالدليل ، لأنّ الأمر هنا يدور بين التعبّد بظهور الظاهر ، الذي هو : اكرام كلّ عالم حتّى زيد ، وطرح سند النصّ الذي هو : لا تكرم زيدا ، وبين العكس يعني : التعبّد بسند النص وطرح ظهور الظاهر ، لكن حيث انّ التعبّد بظهور الظاهر مشروط بعدم القرينة الصارفة ، فإذا ارتفع الشرط بوجود ما يصلح قرينة صارفة عن ظهور الظاهر وهو : النصّ ارتفع المشروط وهو : التعبّد بالظهور ، فيكون دليل التعبّد بسند النصّ حاكما على دليل التعبّد بظهور الظاهر ، وهذا معنى ما ذكره المصنّف : من ارتفاع الأصل بالدليل ، فيؤخذ بسند كليهما ويجمع بينهما بحمل الظاهر على النصّ ، ويقال : بأنّ المراد من العلماء هو غير زيد.