والظاهر أنّ التخصيص بالاستثناء من قبيل المتصل ؛ لأن مجموع الكلام ظاهر في تمام الباقي ، ولذا يفيد الحصر ، فإذا قال : «لا تكرم العلماء إلّا العدول» ثمّ قال : «أكرم النحويين» ، فالنسبة عموم من وجه ؛ لأن إخراج غير العادل من النحويين مخالف لظاهر الكلام الأوّل ،
______________________________________________________
كما يحتمل أن يكون قوله : لا تكرم النحويّين ، مخصّصا للعلماء ، فكذلك يحتمل حمله على فسّاق النحويين ، فقد عرفت نزاعهما في مادّة الاجتماع الذي هو : العالم النحوي الفاسق.
هذا (والظاهر أنّ التخصيص بالاستثناء من قبيل المتّصل) لا المنفصل ، فإذا قال ـ مثلا ـ : أكرم العلماء إلّا الفسّاق ، كان بمنزلة أن يقول : أكرم العلماء العدول ، وذلك (لأنّ مجموع الكلام ظاهر في تمام الباقي) الذي هو العلماء العدول على ما في المثال (ولذا) أي : لأجل ظهور مجموع الكلام في تمام الباقي نراه (يفيد الحصر) أي : يفيد حصر الحكم في تمام الباقي مثل وجوب الاكرام لغير الفاسق من العلماء في مثالنا.
وعليه : (فإذا قال : «لا تكرم العلماء إلّا العدول» ، ثمّ قال : «أكرم النحويين» ، فالنسبة) بينهما (عموم من وجه) وذلك لأنّه يكون بمنزلة قوله : أكرم العلماء العدول ، وأكرم النحويين ، ففي العالم النحوي الفاسق ، يقول الدليل الأوّل : لا تكرمه لفسقه ، ويقول الدليل الثاني : أكرمه لنحوه ، وهذا التعارض كاشف عن نسبة العموم من وجه ، وذلك (لأنّ إخراج غير العادل) أي : الفاسق (من النحويين) والحكم بوجوب إكرامه (مخالف لظاهر الكلام الأوّل) الذي قال : لا تكرم العلماء إلّا العدول ، وهذه المخالفة لا تكون لو كانت النسبة بينهما عموما مطلقا ، لأنّ الخاص يكون قرينة على المراد من العام بلا مخالفة؟.