وإمّا أن يكون من حيث جهة الصدور ، فإنّ صدور الرواية قد يكون لجهة بيان الحكم الواقعي وقد يكون لبيان خلافه ، لتقيّة أو غيرها من مصالح إظهار خلاف الواقع ، فيكون أحدهما بحسب المرجّح اقرب إلى الصدور لأجل بيان الواقع.
وإمّا أن يكون من حيث المضمون ، بأن يكون مضمون أحدهما أقرب في النظر إلى الواقع.
______________________________________________________
ثانيا : (وإمّا أن يكون من حيث جهة الصدور) أي : انّه لما ذا صدر من الإمام عليهالسلام هذا الكلام (فإنّ صدور الرواية قد يكون لجهة بيان الحكم الواقعي) كما هو الأصل (وقد يكون لبيان خلافه ، لتقيّة) والتقيّة قد تكون بالنسبة إلى نفس الإمام عليهالسلام ، أو السامع ، أو الثالث الذي يأخذ الخبر عن الراوي (أو غيرها) أي : غير التقيّة (من مصالح إظهار خلاف الواقع) مثل ما جاء عن الإمام عليهالسلام في جواب من سأله عن انّه رأى أصحاب الإمام يختلفون؟ فقال عليهالسلام : «أنا خالفت بينهم» (١) ، والسبب في ذلك هو : أنّ لا يعرف الشيعة على وتيرة واحدة ، فيكونوا مورد مؤاخذة سلاطين الجور (فيكون أحدهما بحسب المرجّح) المذكور والذي مورده المتن فقط (أقرب إلى الصدور لأجل بيان الواقع) بخلاف الخبر المعارض له الذي هو أبعد عن بيان الحكم الواقعي.
ثالثا : (وإمّا أن يكون من حيث المضمون) علما بأنّ المضمون غير المتن ، لأنّ المصنّف قد مثّل للمتن بالأفصحيّة ، فالمراد بالمضمون المعنى ، وذلك (بأن يكون مضمون أحدهما أقرب في النظر) أي : في نظر الفقيه (إلى الواقع) ولذا إذا كان أحد الخبرين أفصح ، والخبر الآخر أقرب مضمونا إلى الواقع ، يحصل
__________________
(١) ـ عدة الاصول : ج ١ ص ١٣٠.