وهو إثبات مسألة علميّة بخبر الواحد ، ولا يخفى عليك ما فيه ، مع أنّه قد طعن فيه فضلاء من الشيعة كالمفيد وغيره.
فإن احتجّ بأنّ الأبعد لا يحتمل إلّا الفتوى والموافق للعامّة يحتمل التقيّة ،
______________________________________________________
(و) لكنّه غير تامّ لما يلي :
أوّلا : إذ (هو إثبات مسألة علميّة) اصوليّة (بخبر الواحد) الظنّي وهو غير صحيح ، كما قال : (ولا يخفى عليك ما فيه) أي : ما في هذا الاثبات ، إذ مسألة حجيّة الخبر المخالف للعامّة في المتعارضين ، هي مسألة اصولية ، وإثباتها يحتاج إلى العلم ، فاثباتها تعبّدا بالخبر الواحد الظنّي غير صحيح ، وهذا بناء على أصل اشتهر عند بعض الفقهاء يقول : بأنّ المسائل الاصولية يجب إثباتها بالأدلّة العلميّة ، ولا يمكن إثباتها بالأدلّة الظنّية كالخبر الواحد.
ثانيا : (مع أنّه قد طعن فيه) أي : في المراد من هذا الخبر الظاهر في الدلالة على الترجيح بمخالفة العامّة (فضلاء من الشيعة كالمفيد وغيره) فكيف يمكن أن نأخذ بأمر طعن فيه فضلاء الشيعة؟ فانّ جماعة منهم قالوا : إنّ الأخذ بالخبر المخالف للعامّة يراد به ما يرتبط بالمسائل العقائدية من التولّي والتبرّي بالنسبة إلى الخلفاء ، لا ما يرتبط بالمسائل الاصولية من إثبات الترجيح بمخالفة العامّة ، علما بأنّ بعض المحشّين قال : إنّ مراد المحقّق من الطعن هنا هو : إنّ حجيّة خبر الواحد مطلقا ، سواء كان في الاصول أم في الفروع مسألة مطعون فيها ، حيث أنّ خبر الواحد عند جماعة ليس بحجّة مطلقا.
ثمّ قال المحقّق : (فان احتجّ) الشيخ الطوسي لمذهبه الذي ذهب إليه من ترجيح مخالف التقيّة على موافقها (بأنّ الأبعد) عن التقيّة (لا يحتمل) فيه (إلّا الفتوى) بالحقّ (والموافق للعامّة يحتمل التقيّة) فيه ، وحيث كان كذلك