فوجب الرجوع إلى ما لا يحتمل.
قلنا : لا نسلّم أنّه لا يحتمل إلّا الفتوى ؛ لأنه كما جاز الفتوى لمصلحة يراها الإمام عليهالسلام ، كذلك يجوز الفتوى بما يحتمل التأويل لمصلحة يعلمها الإمام عليهالسلام ، وإن كنّا لا نعلم ذلك.
فإن قال : إنّ ذلك يسدّ باب العمل بالحديث ،
______________________________________________________
(فوجب الرجوع إلى ما لا يحتمل) التقيّة فيه.
إذا احتجّ الشيخ بذلك (قلنا : لا نسلم أنّه لا يحتمل) في الخبر الأبعد عن التقيّة (إلّا الفتوى) بالحقّ ، وذلك (لأنّه كما جاز الفتوى) فيه بالحقّ (لمصلحة يراها الإمام عليهالسلام) أي : بأن أفتى الإمام عليهالسلام فيه بالحقّ وأراد منه ظاهر ما قاله (كذلك يجوز الفتوى) فيه (بما يحتمل التأويل لمصلحة يعلمها الإمام عليهالسلام وإن كنّا لا نعلم ذلك) أي : لا نعلم تلك المصلحة التي أرادها الإمام عليهالسلام من الافتاء بما لم يرد ظاهره ، وإنّما أراد تأويله.
والحاصل : إنّ الشيخ قال : الموافق للتقيّة يحتمل فيه التقيّة ، ونحن نقول : المخالف للتقيّة يحتمل فيه التأويل ، فيتعارض الاحتمالان ويتساقطان ، فإذا تساقط الاحتمالان كان الخبران متساويين ، فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، فلو قال الإمام عليه عليهالسلام ـ مثلا ـ مرّة : المغرب هو : سقوط القرص ، وقال اخرى : المغرب هو : ذهاب الحمرة ، فكما نحتمل في الأوّل التقيّة نحتمل في الثاني استحباب التأخير إلى ذهاب الحمرة.
(فإن قال) شيخ الطائفة : في جواب ما احتملناه من التأويل (انّ ذلك) الذي احتملتموه من التأويل هو خلاف الظاهر ، لأنّه (يسدّ باب العمل بالحديث) لأنّا نحتمل في كلّ حديث انّه اريد به التأويل لا ظاهره فيكون مجملا ولا يمكن العمل به.