قلنا : إنّما نصير إلى ذلك على تقدير التعارض وحصول مانع يمنع عن العمل لا مطلقا ، فلا يلزم سد باب العمل ، انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : توضيح المرام في هذا المقام : أنّ ترجيح أحد الخبرين بمخالفة العامّة يمكن أن يكون بوجوه :
أحدها : مجرّد التعبّد ،
______________________________________________________
(قلنا : إنّما نصير إلى ذلك) الذي قلناه : من احتمال إرادة خلاف الظاهر في الخبر الأبعد عن التقيّة (على تقدير التعارض) بين الخبرين (وحصول مانع يمنع عن العمل) به (لا مطلقا) في كلّ حديث ، ومعه (فلا يلزم سدّ باب العمل (١)) إذ لا كلام لأحد في العمل بظاهر الخبر الذي لا معارض له (انتهى كلامه) أي : كلام المحقّق (رفع مقامه) ممّا يظهر منه : إنّ التقيّة وعدم التقيّة ليست من المرجّحات حتّى نرجّح بها الخبر الذي لا يوافق التقيّة على الذي وافقها.
(أقول) : إشكال المحقّق على الشيخ غير وارد ، لأنّ احتمال التقيّة في الموافق للعامّة ليس معارضا باحتمال التأويل في المخالف للعامّة ، و (توضيح المرام في هذا المقام) هو : (أنّ ترجيح أحد الخبرين بمخالفة العامّة يمكن أن يكون بوجوه) أربعة ، والاشارة إلى الفرق بين هذه الوجوه يأتي قريبا إن شاء الله تعالى ، والوجوه الأربعة هي كالتالي :
(أحدها : مجرّد التعبّد) بدون قصد مطابقة الواقع وعدم مطابقة الواقع ، وذلك بمعنى : إنّ الشارع أراد ترجيح الخبر المخالف للعامّة تعبّدا فقط ، بلا ان يلاحظ أقربيّته إلى الحقّ ، أو عدم احتمال التقيّة فيه ، ومعه فيكون مخالفة العامة مرجّحا تعبّديا ، ويكون نظير : منع الشارع عن تقليد المجتهد الفاسق جوارحيا وجوانحيا ،
__________________
(١) ـ معارج الاصول : ص ١٥٦.