من الحنفية على شيء فقد فرّع الأمر بمخالفتهم على مخالفة أحكامهم للواقع ، لا مجرّد حسن المخالفة ، فتعيّن الوجه الثاني ؛ لكثرة ما يدلّ عليه
______________________________________________________
من الحنفية على شيء (١)) أي : ليسوا على الدين الحنيف.
وإنّما لم يكونوا من الحنفية على شيء ، لوضوح أنّ الخلفاء ومن إليهم من الحكّام ، والقضاة ، وفقهاء البلاط ، ومراجع النظام ، التابعين لهم ، كانوا من المنحرفين عقيدة ، لأنّهم كانوا يقولون في الله تبارك وتعالى بالتجسيم والتشبيه ، والجبر والتفويض ، وما أشبه ذلك ، تعالى الله عنها علوّا كبيرا ، ويقولون في الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه والعياذ بالله يخطأ ، وانّه كان ضالّا قبل نزول الوحي عليه ، وغير ذلك ، وكانوا من المنحرفين عملا أيضا ، لأنّ أعمالهم كانت مبنية على الأخبار المكذوبة ، والقياسات الباطلة ، والاستحسانات الشخصيّة ، والمصالح المرسلة ، وقد روى بعضهم : إنّ الأخبار المكذوبة التي رووها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يبلغ عددها ثمانمائة وخمسون ألف حديث.
وكيف كان : (فقد فرّع) الإمام عليهالسلام في هذه الرواية الأخيرة المروية عن أبي بصير (الأمر بمخالفتهم على مخالفة أحكامهم للواقع ، لا مجرّد حسن المخالفة) تعبّدا ، فتكون هذه الرواية الظاهرة والصريحة في كون حسن المخالفة من جهة الطريقيّة والكشف عن بطلان أحكامهم ، مفسّرة لما دلّ من الروايات على انّ حسن المخالفة من جهة التعبّد فقط.
وعلى هذا : (فتعيّن الوجه الثاني) من الوجوه الأربعة ، وهو : الدالّ على أنّ الأخذ بمخالف العامّة إنّما هو من باب الطريقية ، لمظنّة مطابقته للواقع دون الموافق لهم ، وانّا إنّما نقول بتعيّنه (لكثرة ما يدلّ عليه) أي : على هذا الوجه
__________________
(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٩ ب ٩ ح ٣٣٣٦٥.