لكن لا بدّ من توجيهها ، فيرجع الأمر إلى التعبّد بعلّة الحكم ، وهو أبعد من التعبّد بنفس الحكم.
______________________________________________________
فانّهم ليسوا من الحنفيّة على شيء» (١) (لكن لا بدّ من توجيهها) بإرادة تباين المذهبين : مذهب العامّة ، ومذهب الامامية في الخطوط العامّة ، وذلك لأنّهم يأخذون مذهبهم من اناس لم يؤيّدهم الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا صريحا ولا تلويحا ، بينما الشيعة يأخذون مذهبهم من أهل البيت عليهمالسلام الذين أنزل الله تعالى فيهم : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢) وقال فيهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما ان تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا» (٣).
وإنّما لا بدّ من توجيه رواية أبي بصير بهذا توجيه ـ مثلا ـ لأنّا نجد انّ كثيرا من أحكام العامّة موافقا ، لأحكامنا من أوّل الطهارة إلى آخر الديات ، وذلك يستدعي توجيهها.
وعليه : فانّه حيث تبيّن إنّ التعليل بالرشد لا يستقيم ، سواء اريد منه الأقربية إلى الحقّ ، أو الأبعديّة عن الباطل ، لم يبق إلّا حمل العلّة في قوله عليهالسلام : «فانّ الرشد في خلافهم» (٤) على التعبّد ، وذلك بأن يراد : كون الرشد في خلافهم تعبّدا ، وحينئذ (فيرجع الأمر إلى التعبّد بعلّة الحكم) لا بنفس الحكم (وهو) أي : التعبّد بعلّة الحكم (أبعد من التعبّد بنفس الحكم) أي : إنّ التعليل بكون الرشد
__________________
(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٩ ب ٩ ح ٣٣٣٦٥.
(٢) ـ سورة الاحزاب : الآية ٣٣.
(٣) ـ معاني الاخبار : ص ٩١ ، كمال الدين : ص ٢٤٧ ، المسائل الجارودية : ص ٤٢ ، ارشاد القلوب : ص ٣٤٠ ، بحار الانوار : ج ٥ ص ٦٨ ب ٢ ح ١ وج ٢٣ ص ١٤٧ ب ٧ ح ١١١ ، الارشاد : ج ١ ص ١٨٠ ، كشف الغمّة : ج ١ ص ٤٣ ، متشابه القرآن : ج ٢ ص ٤٥ ، المناقب : ج ٢ ص ٤١ ، عيون أخبار الرضا : ص ٦٢.
(٤) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٨ وص ٦٧ ح ١٠ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.