في التقيّة موافقة الخبر لمذهب العامّة ، لأخبار تخيّلها دالّة على مدّعاه ، سليمة عمّا هو صريح في خلاف ما ادّعاه ،
______________________________________________________
في التقيّة موافقة الخبر لمذهب العامّة) لأنّه قسّم التقيّة إلى ما كان الخبر موافقا للعامّة ، وإلى ما كان من أجل القاء الاختلاف بين الشيعة حتّى لا يعرفوا على طريقة واحدة فيأخذوا ، وذلك (لأخبار تخيّلها دالّة على مدّعاه) ومن جملة تلك الأخبار هو الخبر التالي : عن زرارة قال : «سألت عن أبي جعفر عليهالسلام عن مسألة فأجابني ـ فيها ـ ، ثمّ جاء رجل ـ آخر ـ فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله : رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فأجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال : يا زرارة انّ هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم ، فلو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا ، ولكان أقلّ لبقائنا وبقائكم ...» (١) وهذا ظاهر في انّ أخبار التقيّة لم يكن جهة صدورها خاصّا بموافقة العامّة ، بل قد يكون لأجل القاء الخلاف بين الشيعة حفاظا على حياتهم ، ومعلوم : إنّ ما يصدر لأجل القاء الخلاف قد يكون موافقا للعامّة وقد يكون مخالفا لهم ، وإذا كان مخالفا لهم فلا يكون مرجّحا.
وكيف كان : فانّ صاحب الحدائق لم يشترط في صدور الخبر تقيّة موافقته للعامّة ، وذلك لظاهر الخبر المزبور وغيره من الأخبار التي تصوّرها (سليمة عمّا) أي : عن الخبر المعارض الذي (هو صريح في خلاف ما ادّعاه) فانّ في أخبار العلاج ما هو صريح في اشتراط موافقة العامّة في الصادر تقيّة ، وهو خلاف ما ادّعاه صاحب الحدائق من عدم الاشتراط ، فالأخبار ليست إذن كما تخيّلها دالّة
__________________
(١) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٥ ح ٥ ، علل الشرائع : ص ٣٩٥ ح ١٦.